على الرغم من وُجود نظريّة تؤكّد أنّ السياسات الأميركيّة الكُبرى والإستراتيجيّة على مُستوى العالم لا تتغيّر بتبدّل هويّة الرئيس ولا الإدارة الأميركيّة، بل ما يتغيّر هو الأسلوب فقط، تحظى الإنتخابات الرئاسيّة الأميركيّة دائمًا بإهتمام عالمي واسع. وهذه المرّة العُيون الإقليميّة والدَوليّة، وحتى العُيون اللبنانيّة المَحليّة، شاخصة على نتائج الإنتخابات التي ستجري في الثالث من تشرين الثاني المُقبل! فمن يتقدّم بالنقاط حاليًا، أي قبل شهر واحد تقريبًا من موعد الإنتخابات، بحسب أحدث الإستفتاءات؟.
بداية لا بُدّ من الإشارة إلى أنّ مُناظرة أولى بين الرئيس الأميركي الجُمهوري دونالد ترامب (74 عامًا) ومُنافسه المُرشّح الديمقراطي جو بايدن (77 عامًا) ستجري قريبًا، وتحديدًا عند الساعة الأولى من فجر الأربعاء بتوقيت غرينتش، وستتركّز على ستّة ملفّات(1)، على أن يتمّ تنظيم مُناظرتين إضافيّتين في 15 و22 تشرين الأوّل المقبل، لمُناقشة ملفّات حسّاسة أخرى تهمّ الناخبين.
وبالنسبة إلى هويّة المُرشّح الذي يتقدّم بالنقاط حتى الساعة، أي قبل إجراء المُناظرات الثلاث، وعلى بُعد خمسة أسابيع من تاريخ تنظيم الإنتخابات، فإنّ الكفّة تميل لصالح بايدن الذي يتقدّم بالنقاط على ترامب بشكل واضح، علمًا أنّ الكثير من الولايات التي هي تاريخيًا مَحسوبةعلى الجمهوريّين أو على الديمقراطيّين، لا تزال مُحافظة على ولائها، بينما يُوجد عدد كبير من الولايات التي لم تتضح النتيجة فيها بعد. وبالتالي المَعركة الإنتخابيّة ستجري لكسب أصوات الناخبين في الولايات التي تُصنّف مُتردّدة أو غير مَحسومة النتائج سلفًا. إشارة إلى أنّ طبيعة القانون الإنتخابي الأميركي لا تعتمد الأغلبيّة الشعبيّة، بل عدد الولايات المُكتسبة من قبل كل مُرشّح، مع تسجيل فوارق بالنقاط لكل ولاية. وهذا يعني أنّه يُمكن أن يحظى أحد المُرشّحين بأغلبيّة شعبيّة عدديّة، وأن يخسر الإنتخابات في الوقت عينه، والعكس صحيح بطبيعة الحال(2)، حيث على الفائز أن يجمع ما لا يقلّ عن 270 نقطة للفوز بمنصب الرئاسة.
في كلّ الأحوال، وبحسب أحدث إستطلاعات الرأي، يتقدّم ترامب بفارق مريح في ولايات مثل ساوث كارولاينا وماين وويسكينسون وميسوري ومونتانا وكانتاكي وأوتاوا وأوكلاهوما وإنديانا ولويزيانا والاباما وميسّيسيبي، إلخ. بينما يتقدّم بايدن بفارق مريح في ولايات مثل واشنطن ونيويورك وميشيغان وفيرمونت ومينيسوتا وكاليفورنيا وفيرجينيا وأوريغون ونيو جيرسي وكولورادو وماساشوستس ونيو مكسيكو وديلاوار وهاواي وكوناتيكت. والمُنافسة مُحتدمة بين المُرشّحين في ولاياتجورجيا وإيواوتكساس وأوهايو، على سبيل المثال لا الحصر. وبالنسبة إلى كامل مساحة الولايات المُتحدة الأميركيّة، المُرشّح الديمقراطي بايدن يتقدّم بالنقاط بشكل واضح على المُرشّح الجُمهوري ترامب(3)، لكنّ الفارق قابل للتغيير، حيث أنّ الفترة الفاصلة عن موعد الإنتخابات لا تزال كبيرة، وهي قد تتضمّن العديد من الأحداث المُهمّة والمؤثّرة، علمًا أنّ نتائج المُناظرات الثلاث المُنتظرة تترك أثرًا كبيرًا لدى الناخبين أيضًا.
فهل سينجح ترامب في تكرار سيناريو الدورة الإنتخابيّة الماضية، عندما كان مُتأخرًّا بالإحصاءات عن مُنافستههيلاري كلينتون ليتفاجأ الجميع بفوزه في نهاية المطاف، أم سينضم إلى قلّة من الرؤساء الأميركيّين الذين فشلوا في تمديد حكمهم لولاية رئاسيّة ثانية؟ الصُورة ستتضح أكثر خلال الأسابيع القليلة المُقبلة، والإجابة الشافية ستأتي في الثالث من تشرين الثاني المُقبل. وما يهمّنا في لبنان أن يخرج اللبنانيّون من رهاناتهم على الخارج، أكان مع ترامب أم ضدّه، لأنّ هذه الرهانات بالتحديد ساهمت خلال العُقود الماضية-ولا تزال، بوُصولنا إلى الدرك الذي نحن فيه!.
1- وضع الإقتصاد الأميركي، وأسلوب مُواجهة وباء كورونا، والقضايا العرقيّة والعنف المُجتمعي، والمحكمة العليا، ونزاهة الإستحقاق الرئاسي، وأداء كل من ترامب وبايدن.
2- خلال الدورة الإنتخابيّة الماضية، فاز ترامب على مُنافسته هيلاري كلينتون، على الرغم من تقدّمها عليه بنحو ثلاثة ملايين صوت.
3- في حال جرت الإنتخابات اليوم، يكسب بايدن 239 صوتًا، ويميل 49 آخرين له، في مُقابل 125 صوتًا لترامب فقط، مع ميل 48 صوتًا له. ويُوجد 174 صوتًا غير محسوم بعد، علمًا أنّ النتيجة تتغيّر بإستمرار.