أعربت هيئة تنسيق لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية، عن استغرابها "للتناقضات الكبيرة التي أوقع نفسه بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، عندما تحدث عن مسار تأليف الحكومة"، منوهاً بـ "العراقيل الأميركية والشروط الحريرية، ليعود ويتهم فريق المقاومة بالتعطيل، وهو إتهام فيه الكثير من التجني والإفتراء وتزوير الحقائق".
ولفتت الهيئة، خلال اجتماع طارئ في مقر حركة الشعب، إلى أن "التنازلات الكبيرة التي قدمها فريق المقاومة، والذي يمثل مع حلفائه الأكثرية النيابية، لا يمكن لأي جهة في أي بلد من العالم أن تقدمها، وعلى رأسها التنازل عن حق الأكثرية في تسمية رئيس للحكومة، ولو كانت الأكثرية مع الطرف الآخر لما كان يمكن أن يقبل بأن يتنازل عن هذا الحق الدستوري والقانوني".
كما نوهت بأن "ماكرون تحدث عن الفساد في لبنان، وهو يعلم أن هذا الفساد ساهمت به السياسات الأميركية والغربية، من خلال دعمها لرموزه المعروفة، بل وحمايتهم سياسياً ودولياً، لأنهم يشكلون النسخة اللبنانية عن المشروع الأميركي والغربي المعادي للمقاومة في مواجهتها للعدو الصهيوني"، موضحةً أنه "لو كان الرئيس ماكرون صادقاً في مواجهة الفساد ومعاقبة الفاسدين، لكان أصدر قراراً بمصادرة أموالهم الموجودة في المصارف الفرنسية، إلا أن مطامع فرنسا في نفط لبنان وغازه لا تسمح لها بتحويل حلفائها الفاسدين إلى أعداء".
وشدد على أن "محاولة ماكرون إتهام "حزب الله" بالتعطيل، تندرج في سياق المنطق الأميركي الذي يستهدف المقاومة، لأنها تقف بوجه التهديدات والأطماع الاسرائيلية، وتواجه المخططات الأميركية الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية، من خلال ربط الإنهيار الاقتصادي والمالي بسلاحها، في محاولة للضغط عليها وعلى البيئة الحاضنة لها"، مفيداً بأن "المطالبة بوقف المقاومة تؤكد أن فرنسا، كما الولايات المتحدة الأميركية وغيرهما، لا تعير اهتماماً لمصالح لبنان وشعبه، وإنما تنظر بالعين الإسرائيلية، وهي العاجزة عن إعطاء ضمانات بوقف التهديدات والعدوانية الإسرائيلية، إضافة إلى عجزها عن تسليح الجيش بما يحتاجه للدفاع عن أرضه ووطنه وشعبه، لأن القرار الأميركي واضح في منع قيام أي قوة رادعة للعدو الصهيوني".
وأكد ماكرون أن "لغة الإملاءات التي استعملها الرئيس ماكرون مرفوضة ومدانة، مهما كانت الأسباب والدوافع، لأنها تشكل إهانة للشعب اللبناني بأكمله، لأن الصداقة التي يروّج لها الرئيس الفرنسي لا تعطيه الحق بإصدار الأوامر وفرض الإملاءات"، منوهاً بأنه "نفهم أن لفرنسا مصالح في لبنان، بدءً من الدور ووصولاً إلى النفط والغاز، ولكن العلاقات بين الدول تكون من خلال تأمين المصالح المشتركة واحترام سيادة الدول على أراضيها، والتخلي عن النزعة الاستعمارية أو الاستعلائية التي تميّز بها الرئيس ماكرون في كلمته الأخيرة".
بموازة ذلك أفادت بأن "العنوان الذي كشف حقيقة هدف الرئيس ماكرون، كان التهديد العلني والصريح لطائفة كبيرة في لبنان، على خلفية دورها المقاوم في مواجهة العدو الصهيوني والإرهاب التكفيري. إن لغة التهديد التي جاءت على لسان ماكرون تدل بوضوح على القلق الفرنسي من دور المقاومة في حفظ سيادة لبنان وثرواته، من مياه ونفط وغاز، وبالتالي وقوفها عائقاً أمام محاولات السيطرة على تلك الثروات من قبل أميركا ومن معها".
وأوضحت أنه "فات ماكرون أن هذه المقاومة هزمت العدو الصهيوني والإرهاب التكفيري، وهي مقاومة لا تخضع للتهديد والمساومة، وهي حاضرة للدفاع عن لبنان وحقه بسيادته وثرواته، ولا يزيدها التهديد إلا عزيمةً وإصراراً وثباتاً، ولا يستطيع أحد إلغاءها أو الضغط عليها لتقديم تنازلات تخدم العدو الصهيوني. وفي هذا السياق، قد لا تكون مصادفة في هذه الأيام إعادة تنشيط الخلايا الإرهابية التكفيرية، التي تأسست برعاية أميركية مباشرة ودعم أوروبي وخليجي".
ولفتت الهيئة إلى أن "لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية، ومعه الجبهة العربية التقدمية وكل شرفاء الأمة يؤكدون للسيد ماكرون، ومن خلفِه كل الدول الاستعمارية، أننا لا يمكن أن نرضخ لمنطق التهديد، كما لا يؤثر فينا تزوير الحقائق وتصوير الباطل حقاً والحق باطلاً. من هذا المنطلق، نؤكد على رفض مسلسل التطبيع الخياني الذي فرضته الولايات المتحدة الأميركية على رعاياها الخليجيين، في محاولة لإعادة الاعتبار للكيان الإرهابي الصهيوني، بعد ان أصبح عاجزاً عن مواجهة المقاومة وشن حرب عليها، بسبب توازن الردع الذي فرضته المقاومة مع هذا العدو، ويشهد على تطورها وتعاظم قوتها تلك الانتصارات الكبيرة التي حققتها في ساحات المواجهة مع الارهاب التكفيري في سوريا".