يحرص الرئيس الفلسطيني محمود عباس على الإسراع بترتيب البيت الداخلي، من خلال إنجاز المُصالحة مع حركة "حماس" وإنهاء الانقسام، وإجراء الانتخابات العامة: التشريعية فالرئاسية ثم للمجلس الوطني، وما يُساهم بتعزيز الشراكة لمكوّنات النظام السياسي الفلسطيني كافة.
وحدة الموقف الفلسطيني تُشكّل سدّاً منيعاً بالتصدّي للمخاطر المُحدقة لمُحاولات تصفية القضية الفلسطينية، وفق ما جاء في رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب في "صفقة القرن" ومُندرجاتها، التي بُوشر تنفيذها بالتطبيع بين دول عربية والكيان الإسرائيلي.
حظي الموقف الفلسطيني المُوحّد، بدعم من دول عربية واسلامية، فأثبت مساعي المُصالحة بأنها عابرة لهذه التناقضات.
وقد جاء ذلك إثر عِقد "اجتماع الأمناء العامين لفصائل العمل الوطني الفلسطيني"، مساء الخميس في 3 أيلول/ سبتمبر 2020، بدعوة من الرئيس عباس، ورئاسته، تزامناً في مقر الرئاسة في رام الله، وفي سفارة دولة فلسطين في بيروت، للأمناء العامين أو من يُمثلهم الذين لم يتمكنوا من الحضور، عبر تقنية "الفيديو كونفرنس".
أعطى هذا الاجتماع جملة من الرسائل والدلالات في التوقيت والنتائج، التي تجلّت بالمُقررات، التي جرى المُباشرة بتنفيذها.
ترجمة لهذه المُقررات، عقد لقاء بين حركتي "فتح" و"حماس"، في اسطنبول - تركيا، بين يومي الثلاثاء والخميس 22-24 الجاري، في مقر القنصلية العامة لدولة فلسطين في اسطنبول.
ترأس وفد حركة "فتح" أمين سر اللجنة المركزية للحركة اللـواء جبريل الرجوب وعضوية عضو اللجنة المركزية روحي فتوح.
ووفد "حماس" نائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري وعضوية رئيس مكتب العلاقات الوطنية للحركة حسام بدران.
حضر اللقاءات السفير الفلسطيني في تركيا فائد مصطفى.
استهلت اللقاءات باستضافة رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية المُشاركن بغداء أقامه في مقر اقامته في اسطنبول.
تم خلاله التوافق على تفاهمات، تولّت حركتي "فتح" و"حماس" اطلاع المعنيين على تفاصيلها، قبل أن تقرّها حركة "فتح" في الاجتماع الذي سيترأسه الرئيس عباس للجنة المركزية بعد غد (الخميس).
فيما ستقرّ قيادة "حماس" التفاهمات، قبل أن يتم اقرارها في اللقاء الذي سيدعو إليه الرئيس عباس للأمناء العامين للفصائل بداية الشهر المُقبل، على اعتبار أن الحوار الثنائي، ليس بديلاً عن الحوار الوطني العام، تمهيداً لأن يُصدر مرسوماً رئاسياً يُحدد فيه مواعيد الانتخابات، التي تتم وفق التمثيل النسبي.
فقد أطلع الرجوب، أمس (الاثنين)، وزير خارجية مصر سامح شكري، على آخر المُستجدات السياسية في فلسطين، وما تم الاتفاق عليه بين "فتح" و"حماس".
عقد اللقاء بمقر وزارة الخارجية المصرية، بحضور فتوح وسفير دولة فلسطين لدى القاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية دياب اللوح.
وشدّد الرجوب على أنه "تم الاتفاق على بناء شراكة وطنية وفق مُخرجات مُؤتمر الأمناء العامين من خلال إنتخابات مُترابطة ومُتوالية "تشريعية، رئاسية ووطنية" وفق القانون الأساسي، الذي يُعبّر عن وحدة النظام السياسي الفلسطيني، واستناداً إلى ما تم الاتفاق عليه سابقاً على قاعدة التمثيل النسبي الكامل.
ونوّه الرجوب بـ "الجهود التي تبذلها الدبلوماسية المصرية تجاه دعم صمود شعبنا أمام الاحتلال، انطلاقاً من دور مصر المحوري تجاه القضية الفلسطينية على مرِّ التاريخ"، مُشدداً على "دعم مصر الكامل للحقوق الفلسطينية، التي ستظل دوماً في صدارة اهتمام السياسة الخارجية المصرية".
من جهته، أكد الوزير شكري على "استمرار المساعي المصرية الرامية إلى تقديم كافة أشكال الدعم للقيادة والشعب الفلسطيني الشقيق خلال تلك الظروف الدقيقة".
وأوضح المُتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية أحمد حافظ، في تصريح له "أن الوزير شكري أعاد التأكيد على موقف مصر الراسخ من القضية الفلسطينية، ودعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وصولاً إلى إقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لمُقررات الشرعية الدولية"، مُؤكداً "دعم مصر لكافة الجهود التي تستهدف تحقيق الاستقرار والسلام والأمن".
وأشار حافظ إلى أن المسؤولين الفلسطينيين (الرجوب وفتوح) "نقلا تقدير الجانب الفلسطيني للدعم المصري المُستمر للحقوق الفلسطينية، وأحاطا وزير الخارجية بآخر التطورات ذات الصلة بالشأن الفلسطيني والرؤية إزاء التحركات المُستقبلية، فضلاً عن المساعي الجارية لاستعادة اللُحمة وإعادة توحيد الصف الفلسطيني، وأكدا في هذا الصدد على محورية الدور المصري في رأب الصدع الفلسطيني وتحقيق المُصالحة المرجوة".
وكان الرجوب قد وصل إلى القاهرة، قادماً من العاصمة القطرية الدوحة، بعدما التقى وفتوح، وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بحضور سفير فلسطين في قطر منير غنام.
وجرى بحث ملف المُصالحة الفلسطينية، وما تم التوافق عليه في لقاء اسطنبول.
كما التقى الرجوب، رئيس الاتحاد القطري لكرة القدم الشيخ حمد بن خليفة بن أحمد آل ثاني.
كذلك التقى الرجوب وفداً من "حماس"، ضم: رئيس المكتب السياسي السابق خالد مشعل، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق، وعضو المكتب السياسي عزت الرشق، بحضور السفير غنام.
وأطلع الرجوب وفد "حماس" على لقاء وفدي الحركتين في اسطنبول.
وأكد أن "قرار "فتح" بإنجاز المصالحة الوطنية، والتعاون الثنائي بين الحركتين وفصائل العمل الوطني والإسلامي كافة، هو المدخل لإجراء الانتخابات وحل كل الخلافات، وأن حركة "فتح" ستلتزم بنتائج الانتخابات أياً كانت نتائجها".
من جهته، ثمّن مشعل "مواقف الرئيس محمود عباس، وإصراره على إنجاز المُصالحة الوطنية، وبناء الشراكة بين كل فصائل العمل الوطني والإسلامي".
ونقل مشعل تحيات قيادة "حماس" إلى "جميع قيادات "فتح" وكوادرها، ولأبناء الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات"، مُشدداً على أن "إنجاز الوحدة وتحقيق المُصالحة استحقاق وواجب وطني، لإقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة وعاصمتها القدس".