في سياق الحديث عن رفع الدعم عن المحروقات، أو تخفيضه كمرحلة أولى، يجد اللبنانيون أنفسهم تحت وطأة التقنين في بيع البنزين، فالمحطات التي لا تزال تملك المادة، تحاول بيعها الى أكبر عدد ممكن من المواطنين، والمحطات التي لا تملكها أقفلت أبوابها، ولكن في لبنان قد ينقطع البنزين من السوق، ولكنه لا ينقطع لدى المهرّبين الى سوريا.
انتشر مقطع مصوّر يُظهر "الصهاريج" تنتقل من نقطة الى أخرى، وقيل أنها تُهرّب المادة من لبنان الى سوريا، وفي هذا السياق تشير مصادر بقاعيّة أن هذا الفيديو قد صُوّر من منطقة القصر، لوجود معبر يتم استعماله في تهريب الشاحنات الضخمة، والحمولات الكبيرة، مؤكّدة عبر "النشرة" أنّ تاريخه حديث، وما تحمّله الصهاريج معها هو البنزين، وتأكيد هذا الأمر جاء على لسان أحد المسؤولين عن المعبر الذي عبّر في تسجيل صوتي له عن سخطه من مصوري الفيديو، وتحدّيه الدولة اللبنانيّة لتوقفه عن تهريبهللبنزين الذي يجري حاليا.
كيف يتم التهريب؟
تكشف المصادر أن تهريب المحروقات من لبنان الى سوريا يتم بعدة وسائل، الأولى عبر الصهاريج الكبيرة، وهذه الطريقة تحتاج الى توافر ثلاثة أمور، الاول تُجار محروقات كبار في لبنان، والثاني مهرّبون على مستوى عالٍ من الحرفيّة والقدرة الماليّة واللوجستيّة، والثالث تُجار سوريون أثرياء لديهم القدرة على شراء المواد المهرّبة وتخزينها وبيعها.
وتضيف: "يبيع الفريق الاول للفريق الثاني صهاريج البنزين، رغم عدم توافرها بالسوق، اذ يقوم هو بشرائها من شركات استيراد المحروقات بشكل مباشر، وكان سبق لإحدى الشركات أن هرّبت المازوت بالسابق عبر شاحناتها الخاصة بعد أن زادت حجم استيرادها الشهري من باخرة مازوت واحدة الى خمسة، ويقوم الثاني بدفع ثمن البضاعة للتاجر اللبناني وهذا الثمن عادة ما يكون السعر الرسمي بالأسواق اللبنانية زائد 10 أو 15 بالمئة، ومن ثم تُنقل المواد عبر الصهاريج، التي ينال أصحابها مبلغا مقطوعا على كل رحلة، الى سوريا ليستقبلها التاجر السوري ويدفع ثمنها، بحيث يصل ثمن كل صفيحة الى مرة ونصف تقريبا ثمنها بلبنان، وأحيانا يكون الشراء بالدولار ولكن بالاونة الاخيرة أصبح هذا الخيار صعبا.
هذا التهريب يؤذي السوق اللبناني، ولكن هناك أنواع تهريب أخرى أقل ضررا نسبة لحجم المواد المهرّبة. تشير المصادر الى أن المعابر غير الشرعية كثيرة جدا، وتُستخدم من قبل المهربين الصغار، بحيث يقوم الشخص بـ"تفويل" سيارته وينتقل بها عبر المعبر غير الشرعي الى سوريا بحيث ينتظره أحد السوريين في نقطة متفق عليها وتحتوي على "مضخّة" صغيرةتعمل على البطارية، فيُسحب البنزين من السيارة، كاشفة أن المهرب اللبناني يبيع حوالي صفيحتين الى ثلاثة في كل رحلة، وبسعر يصل الى 50 ألف ليرة للصفيحة، التي ستُباع في سوريا بملبغ 2000 ليرة سوريا، أي حوالي 59500 ليرة لبنانية.
وهناك وسيلة ثالثة وهي استخدام الدراجات النارية، اذ تنقل الدراجات براميل البنزين، المباع في السوق السوداء اللبنانية بسعر 40 الف ليرة للصفيحة الواحدة، من ضفة الى أخرى، وهي تقوم بهذا العمل حوالي 4 الى 5 مرات يوميا، مع العلم أن الأرباح في هذه العملية هي الأقل بين الطرق الثلاث.
الناس توقف التهريب!
تغيب الدولة بشكل كلّي عن البقاع، تقول المصادر، مشيرة الى أن الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان ككل والبقاع بشكل خاص جعلت الناس تنتفض، اذ كان لافتا في الأيام الماضية ارتفاع أصوات بقاعية تتوعّد بمحاسبة المهربين وإقفال الطرقات عليهم، وقد وصلت التهديدات الى حد حصول إشكالات، والتهديد بالدم.
وتكشف المصادر أن بقاعيين أبلغوا المهربين المعروفين بأن التهريب بات يشكل خطرا عليهم اولا، فهم لا يجدون المازوت لاحتياجاتهم ولا البنزين، بينما يقوم البعض بتهريب المواد الى سوريا لتحقيق أرباح خاصة، وبالتالي وبسبب غياب الدولة قد يقوم أهل البقاع بضرب التهريب، الأمر الذي يفتح الباب واسعا بحسب المصادر أمام احتمالات وقوع معارك عائلية وعشائرية مسلّحة، قد يُعرف كيف تبدأ، ولا يُعرف كيف تنتهي.