أشار لقاء الاحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية، إلى أن "الرؤساء الأربعة حاولوا الدفاع عن ما قاموا به من محاولة فرض حكومة أمر واقع، تحت ذريعة أن المبادرة الفرنسية بُنيت على ضرورة تعليق كل ما يمتُّ إلى السياسة الداخلية التقليدية ومسألة تنافس الكتل والأحزاب لأشهر معدودة، بحيث تتفق الكتل الرئيسية على حكومة إنقاذ مصغرة من الاختصاصيين الأكفاء لا تسميهم الاحزاب لتنفيذ برنامج إصلاحي اقتصادي مالي نقدي وإداري بحت، لفتح الباب أمام البدء باستعادة الثقة وعودة التمويل الخارجي للبلد".
ورداً على ما جاء في بيان نادي رؤساء الحكومات السابقين الأربعة من مغالطات في خلال ردهم على كلام أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله، أكد اللقاء أن "هذا الكلام يتضمن مغالطات عدة، فالرؤساء يدّعون أن المبادرة بُنيت على ضرورة تشكيل حكومة اختصاصيين أكفاء لا تسميهم الاحزاب، وهذا غير صحيح لأن المبادرة لم تنص على ذلك ولم تتطرق إلى هذا الأمر اصلاً، وكلام أمين عام "حزب الله" لهذه الناحية يستند الى ما جاء في نص المبادرة والى ما جرى من نقاش في قصر الصنوبر مع الرئيس الفرنسي ماكرون".
كما نوه بأنه "على افتراض ان ذلك هو التوجه، هل جرى إتفاق بين الكتل النيابية الرئيسية على ذلك، ومتى تم الإتفاق على أن الأحزاب والكتل لن يسموا الوزراء الإختصاصيين الأكفاء وأن الحكومة ستكون مصغرة من 14 وزيراً، وإذا كانت الكتل النيابية لن يكون لها دور في تسمية الوزراء فمن هو المصرح له بتسميتهم، هل الرئيس المكلف أديب الذي تمت تسميته وترشيحه من قبل نادي الرؤساء، وهذا ما قاله البيان، فمعنى ذلك أنه كان يُراد فرض تشكيلة حكومية يختار اعضاءها نادي الروساء الأربعة الذين يمثلون جزء من فريق الأقلية النيابية، ما يعني سيطرة هذا الفريق وحيداً على قرار السلطة التنفيذية، الأمر الذي يشكل انقلاباً على إتفاق الطائف، واستمراراً للسياسات الإقتصادية والمالية والنقدية التي تسببت بالأزمات التي يكتوي بنارها اللبنانيون، والتي انتهجها هذا الفريق على مدى سنوات وجوده في السلطة منذ عام 1993".
وتساءل اللقاء "كيف يمكن أن يوافق فريق الأكثرية النيابية على القبول بذلك ويسلم السلطة إلى الفريق الذي كان سبباً في الازمة التي فجرت الاحتجاجات الشعبية؟"، مفيداً بأن "البيان زعم أن دور نادي الرؤساء إقتصر على توفير الغطاء بشكل شفاف لتنفيذ ما وافقت عليه الكتل النيابية في قصر الصنوبر، لكن من أوكل هذا الدور لنادي الرؤساء نيابة عن كل الكتل، أقله عن الأكثرية النيابية؟ كما زعم أيضاً أن نادي الرؤساء لم يفرض الوصاية على رئاسة الحكومة، بل انطلق من الدعوات التي أطلقتها أكثرية اللبنانيين، التي تقاطعت مع المبادرة الفرنسية ووجوب قيام حكومة مستقلين بعيداً عن المحاصصة والولاء الحزبي والسياسي".
وأكد أن "السؤال هنا، من هو الذي يحدد ما اذا كانت أكثرية اللبنانيين تريد ذلك أم لا، ومن أعطى لنادي الرؤساء هذا الدور بوجوب العمل على تشكيل حكومة مستقلين عن المحاصصة والولاء الحزبي والسياسي، وهل نادي الرؤساء هو المنزّه عن كل هذه الصفات، وليس له مصالح سياسية وحزبية ومنغمس من رأسه حتى أخمص قدميه بالمحاصصة وزرع أزلامه في مراكز ومفاصل مؤسسات الدولة على أساس الإستزلام والمحسوبية وعدم الكفاءة والجدارة".
بالتوازي، أفاد اللقاء بان "البيان زعم أن رئيس الحكومة لم يكن بمقدوره التشاور مع رئيس الجمهورية أو مع الكتل السياسية في الأسماء والحقائب في ظل ما أسماه العقدة التي رفعها في وجهه ثنائي أمل و"حزب الله"، موضحاً أن "هذا الكلام فيه مخالفة واضحة، لآليات تشكيل الحكومات ما بعد الطائف، وهدفه حرف الأنظار عن الإمعان في امتناع الرئيس المكلف، بدفع من نادي الرؤساء، عن القيام بإجراء المشاورات مع جميع الكتل وأخذ رأيها، وهو ما اضطر رئيس الجمهورية الى لفت نظر مصطفى أديب إليه وضرورة القيام بذلك، وعندما لم يستجب قام رئيس الجمهورية بعقد لقاءات مع رؤساء الكتل للوقوف على موقفها من طبيعة وشكل الحكومة".
واوضح ان "زعم البيان أنه جرى الإلتفاف على مبادرة الرئيس سعد الحريري بالإبقاء على التمثيل الشيعي في وزارة المالية لمرة واحدة، مع التأكيد على مبدأ المداورة في الحقائب الوزارية، وانه تم التمسك بتسمية الوزراء في الحقائب الباقية في ضرب مكشوف للقواعد التي انطلقت منها المبادرة الفرنسية، وللدستور. إن هذا الكلام يتضمن تحريفاً للحقائق وإمعاناً في عدم الإقرار بمحاولة فرض قواعد جديدة لتشكيل الحكومة من قبل نادي الرؤساء الأربعة، وتفسير المبادرة الفرنسية وفق رغباتهم ومصالحهم، بما يؤدي إلى الإنقلاب على نتائج الانتخابات النيابية والنظام البرلماني الديمقراطي ودستور الطائف".
وفي سياق تصل، أشار اللقاء إلى ان "أمين عام "حزب الله" تعمد افتعال اشتباك طائفي بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف. غير أن مثل هذا الزعم محاولة مكشوفة لتجاهل دور رئيس الجمهورية وصلاحياته المنصوص عليها بوضوح في اتفاق الطائف والتي تؤكد في المادة 53 على أن رئيس الجمهورية "يصدر بالإتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة ومراسيم قبول استقالة الوزراء او إقالتهم"، مؤكداً ن "أنه "لهذا فالنص واضح بأن رئيس الجمهورية شريك في عملية تشكيل الحكومة وأن الرئيس المكلف عليه الاتفاق معه، وهذا يتطلب التشاور في كل أمور التشكيل وكيفية تذليل ومعالجة العراقيل أو الصعوبات التي قد تنشأ في خلال عملية التشكيل، وهو ما لم يحصل، ودفع رئيس الجمهورية الى توجيه انتقاد علني للرئيس المكلف".
وتساءل "كيف يكون امين عام حزب الله يفتعل إشكالاً طائفياً عندما يتحدث عن مخالفة لإحدى مواد الدستور، التي تحدد صلاحيات رئيس الجمهورية الأساسية والمهمة"، لافتاً إلى أن "اتهام أمين عام حزب الله بنسف المبادرة الفرنسية من زاوية محتواها الاقتصادي والمالي، عبر ما أسماه البيان "المقاربات الخاصة بصندوق النقد الدولي والإصلاحات الاقتصادية والمالية"، إنما يشكل التفافاً على حقيقة الموضوع، فالإتفاق على أولويات إجراء إصلاحات اقتصادية ومالية كما جاء في المبادرة شيء، وتحديد ماهية ومضمون هذه الإصلاحات شيء آخر، وهو أمر يحتاج إلى اتفاق مسبق، لاسيما عندما يربط صندوق النقد بين إعطاء القروض للبنان وبين الإستجابة لشروطه القاضية ببيع ممتلكات الدولة عن طريق خصخصتها، أو فرض ضرائب جديدة تمس الطبقات الشعبية، ورفع الدعم عن المواد الأساسية؛ وهذا أيضاً ما يفرض الإتفاق المسبق على طبيعة الحكومة وبرنامجها، وهو أمر لم يكن يريده نادي الرؤساء لأنه مع حكومة تنفذ طلبات صندوق النقد دون نقاش، لاسيما وأن عين نادي الرؤساء الأربعة، وخصوصاً أصحاب الثروات منهم، على قطاع الخليوي والمرافئ للإستيلاء عليها بأقل الأسعار، باعتبارها قطاعات رابحة وتدرّ عائدات كبيرة على الخزينة العامة، ويريدون تعويض الخزينة عن هذه العائدات بفرض المزيد من الضرائب التي تصيب الطبقات الشعبية".
ونوه بأن "لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية، إذ يضع هذه الملاحظات على بيان نادي الرؤساء السابقين الأربعة ويكشف حجم المغالطات الذي تضمّنه، إنما ليؤكد للبنانيين أن ما كان يجري إنما هو محاولة من هذا النادي للتحكم بعملية تشكيل الحكومة وفرض شروط جديدة لتأليفها، على نحو مخالف للدستور ولنتائج الإنتخابات النيابية، بهدف تنفيذ انقلاب على المعادلة السياسية استجابة للخطة الأمريكية السعودية، الساعية إلى إعادة إخضاع لبنان للهيمنة الإستعمارية وفرض ترسيم للحدود البحرية والبرية بما يحقق الأطماع الصهيونية في الإستيلاء على جزء من ثروات لبنان النفطية والغازية، والعمل على تمرير شروط صندوق النقد الدولي، وصولاً إلى محاصرة المقاومة والعودة إلى طرح نزع سلاحها الذي يقلق العدو والصهيوني ويردع عدوانيته، وخصوصا الصواريخ الدقيقة. ولهذا كان من الطبيعي والواجب إحباط هذه المحاولة الانقلابية، ووضع النقاط على الحروف، وكشف الدور التخريبي الذي قام به نادي رؤساء الحكومة السابقين الأربعة لتعطيل تشكيل حكومة تعمل على وضع حد للتدهور والانهيار الاقتصادي والمالي.