منذ سنوات يعمل محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر على إعداد ملف عن سرقة الكهرباء، إما من قبل النازحين السوريين في منطقة البقاع الشمالي، وإما من قبل صاحب العقار الذي يقوم عليه المخيم. منذ سنوات يراسل خضر المجالس البلدية لمساعدته على إجراء مسح للمخيّمات لكشف هويّات أصحاب العقارات القائمة عليها ومعرفة حجم سرقة الطاقة الكهربائية فيها، كل ذلك من دون أن يحصل على الأجوبة المطلوبة وسط تهرّب واضح وفاضح من رؤساء البلديات لعدم إعطاء الأجوبة ولعدم التعاون، الأمر الذي يطرح أكثر من علامة إستفهام عن إستفادة هؤلاء من مخيّمات النازحين، والتعدّيات التي تحصل على الشبكة الكهربائية. وبعدما فقد الأمل من المجالس البلديّة، كلف خضر قوى الأمن الداخلي والأمن العام بإجراء الجردة، وها هو يحصد النتيجة إذ تقدّم بالأمس بإخبار الى المدّعي العام المالي القاضي علي ابراهيم عن سرقة المليارات من المال العام من جرّاء تعدّيات مخيمات النازحين على شبكة الكهرباء. وبحسب المعلومات فإنّ الإخبار مؤلف من حوالى 100 صفحة وفيه جردة واسعة عن مئات المخيمات، جردة كشفت الفضيحة. تخيلوا مثلاً أن نسبة الطاقة الكهربائية المسروقة في المخيمات أي من دون ساعات وإشتراكات، تصل في الشتاء الى 50% من إجمالي إستهلاك الكهرباء في محافظة بعلبك الهرمل ككل، ايّ بمعنى آخر، يبلغ مصروف الكهرباء المسروق من قبل حوالى 250 ألف نازح سوري حوالى 50 بالمئة من المصروف الإجمالي للمحافظة التي يعيش فيها حوالى 400 ألف لبناني.
مصادر أمنية متابعة للجردة التي طلبها المحافظ تتحدث عبر "النشرة" عن نوعين من السرقة، نوع أول يتمثل بتعدي عدد كبير من اصحاب العقارات المؤجّرة للمخيمات على الشبكة الكهربائية وتقاضيهم بدلات الإشتراك من النازحين، من دون أن تكون هناك ساعة للمخيّم ومن دون أن يدفع صاحب العقار ولو ليرة واحدة للدولة اللبنانية. ونوع ثان من السرقة، ينفّذه النازح نفسه من دون علم صاحب العقار، وذلك من خلال التعدّي على الشبكة أيضاً.
ما يريده خضر من الإخبار هو اولاً إجبار أصحاب العقارات التي تقوم عليها مخميات النازحين بتقديم طلب إشتراك ساعة كهربائية للمخيم وشرعنة مصروف الكهرباء ودفع ما يتوجب عليهم من اموال لمؤسسة الكهرباء، وثانياً منع هدر المال العام من خلال الاعتداء على الشبكة، أما ثالثاً، فعدم إنخفاض ساعات التغذية الكهربائية التي يحصل عليها اللبنانيون بسبب سرقة المخيّمات التي يتشارك بإرتكابها أصحاب العقارات والنازحون. وفيما يتحجّج البعض من أصحاب العقارات بأن النازح هو الذي قام بالتعدي، يعتبر خضر أن المسؤولية القانونية تقع كاملة على صاحب العقار لا على النازحين السوريين.
سرقة الكهرباء في بعلبك الهرمل تشكل كارثة بحد ذاتها ولا تقتصر على المخيّمات فقط، بل تتخطّى نسبتها الخمسين في المئة لدى اللبنانيين وأكثر من ذلك هناك بلدات برمّتها كدار الواسعة واليمونة وغيرها، عدد ساعات الكهرباء فيها صفر ساعة.
كارثة تقتضي تحركاً سريعاً من القضاء ووزارة الطاقة والمياه ومقدّمي الخدمات، وتسألون بعد عن أسباب هدر الكهرباء؟.