يواجه الفرد تحديات كثيرة ومتنوعة، في هذه الايام العصيبة والحرجة؛ كما العائلة التي تجسّد الحبّ والشراكة فيما بينها، بالرغم من كلّ الصعوبات المتراكمة والمتعددة، والمعوقات المفاجئة، والتأزم غير المسبوق الحاصل في العالم، لاسيّما في البلدان التي تتعرض لشتى أنواع الحروب والعنف والنكبات، كما لتردي الاوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية والعلائقية، لاسيّما بعد تداعيّات تفشي جائحة كورونا كوفيد-١٩.
يتخبط العالم اليوم بشتى أنواع الأزمات المتشابكة والعصيّة على الحلول، التي سببها الانسان لنفسه، من جراء عدم تحمل المسؤولية، وانغماسه المفرط في عالم الماديات، وانجرافه الفاضح في خرق القوانين، وعدم احترامه لحقوق الانسان، ونسق عيشه المتفلت من اي رادع اخلاقي. كلّ هذه الخروقات والتجاوزات أدت إلى تقهقر وتردي الحياة العامة، ممّا اثّر سلباً على حياة الثنائي والعائلة معًا.
هل عائلاتنا بحاجة إلى سرد حالة الواقع المأزوم والرديء؟ الا تعيش مرارة تلك الأوضاع المزرية والمقلقة ؟ ماذا تحتاج عائلاتنا اليوم ؟ ألا يدرك معظم الناس متطلبات وحاجات العائلات، كي تصبو نحو الأمان والطمأنينة وفرح الحبّ؟
تحتاج عائلاتنا الى الأمان والثقة والحبّ، كي تجسّد الحبّ والفرح وتعيشهما، ضمن حياة هادئة وهانئة، مع المحافظة على الكرامة الإنسانيّة، بكل تفاصيلها وعناوينها وأبعادها الخلاصيّة وتفاعلاتها الإيجابية، وتداعياتها الحسنة والجيدة. ألا تحتاج العائلة إلى الدعم النفسي والروحي والمعنوي والاقتصادي والصحي؟ ألا يساعد الدعم المقدم في أوقات الأزمات والمحن على دفع الشخص للإنتقال من حالة الضعف والتقهقر والإحباط واليأس، والخوف والانهيار، الى القدرة على التصدي والمواجهة، والصبر وإيجاد بعض الحلول الجيدة والمناسبة؟ أوليست عائلاتنا بحاجة الى المساعدة اكثر من اي وقت مضى؟ من هنا لا بدّ من تقديم المساعدة وتفعيل روح التعاون والتضامن، مع كلّ عائلة متعثرة وقلقة وخائفة ومضطربة ومتزعزعة، كي تبقى العائلة الحصن المنيع، والمكان الدافئ، ضّد ما يعانيه المجتمع من تخبط وتشرذم، بسبب الأوضاع التي ذكرناها آنفًا.
سببت التفاعلات السلبية التي تجتاح المجتمعات، حالة من التأزم في نمط الحياة اليومية للفرد، كما تأثرت العائلة ايضًا.
بالمطلق، عندما يكون الفرد مازوماً، هذا يعني ان العائلة مأزومة أيضاً، وذلك بسبب عوامل سلبية، أدت الى تجويف الحياة المشتركة من محتواها الإيجابي، الذي يسهم في "الحماية الوجودية" وتحقيق الذات والنمو والازدهار على جميع الصعد. من هنا، لا بدّ من إعادة النظر في الخيارات والقرارات وطريقة ومضمون التنشئة، ومواجهة الواقع المزري، بأمل ورجاء، مع تحصين الانسجام والتناغم في ما بين الثنائي.
لتتماسك العائلات مع بعضها البعض في خضم هذه التوترات المتكررة، والتفاعلات السيئة والمؤذية.
أحياناً لا يمكن للأقرباء والأصدقاء مد يد العون والمساعدة الى العائلة، لكن على الاقل يمكنهم ان يظهروا تعاطفهم، الذي يعتبر شكلًا من اشكال الدعم العاطفي والمعنوي والروحي. بالتأكيد تضغط الأزمات الخارجية والعراقيل المتكررة على حياة الثنائي، ممّا يؤجج الصراعات والخلافات الداخلية. من هنا لا بدّ من ان يتّحد الزوجان معاً ضّد التيارات والتأثيرات والتفاعلات الخارجية، من خلال المحافظة على مدّ جسور الثقة والتعاون والأمان، المعبّر عنها بالاحترام والتقدير المتبادل، الذي يعزّز الحوار والاصغاء لتوضيح الآراء ووجهات النظر المختلفة، التي تغني الشريكين، من اجل احتواء الازمات وتخطيها مع إيجاد حلول عملية ومنطقية. أوليس كلّ علاقة زوجية وشراكة عائلية منسّقة ومنسجمة، تسهم في فهم وادراك أن العائلة تعي الازمة؟
يطلب من عالمنا تقديم العون والدعم للعائلة، لا سيّما بعد تداعيّات جائحة كورونا كوفيد-١٩، الكارثية على جميع الصعد.
لتجدد العائلة ثقتها بنفسها، واهمية رسالتها، ووجودها المحيي، وضرورتها للحياة البشريّة. لندعم العائلة التي تناضل في مسيرتها الدقيقة والحساسة، بالرغم من كلّ شيء، من أجل التغلب قدر المستطاع، على أغلب المحن والعراقيل، لا سيّما في زمن " كورونا ".
لنساند العائلة بالمودة والعاطفة والدعم، كي تتغلب على الإحباط واليأس والقرف والخوف من الغد، بزرع الرجاء والأمل في نضالها.
يبقى الرجاء والأمل عاملين اساسيين لمواجهة الأعاصير المتراكمة والعنيفة، والأمواج العاتيه الغاضبة، متكلين على الحبّ وتفاعلاته الايجابية والمحيية لكلّ أفراد العائلة. هذا الحبّ المفعم بالعاطفة والحنان والغفران والشراكة، الذي يساعد على مواجهة التحديات ويثبت الانسجام، المبني على المعرفة والوعي والنضج.
لنحم العائلة معًا، من كلّ شر وخراب وتدمير ومآسي، التي تهدد مسيرتها نحو الأمان والسلام والحب.
العائلة مصدر حياتنا، وربوع سلامنا، وفرح وجودنا، وعزاء أحزاننا، وحماية أمننا، وأمل خلاصنا، وقتل غربتنا.
نحيي ونقدّر عائلاتنا المجاهدة والمناضلة والمقاومة التي تستحق الحياة الكريمة والفرح الدائم.