في الفترة الماضية، تراجعت حدة التحركات الشعبية في الشارع، التي كانت قد انطلقت في السابع عشر من تشرين الأول من العام 2019، على نحو كبير لعدة أسباب، أبرزها الواقع الصحي الذي لا يزال قائماً في ظل إنتشار فيروس كورونا المستجد، بالإضافة إلى فشل المجموعات الفاعلة في الحراك، حتى الآن، في الإتفاق على الحد الأدنى من العناوين، بعد أن بات لازماً الخروج من إطار التحركات غير المنظمة أو المحددة الأهداف.
هذا الواقع، نجحت قوى السلطة في إستغلاله إلى حد بعيد، بدليل عودتها إلى الطروحات الماضية على مستوى تشكيل الحكومات، بالتزامن مع تجاهلها الدعوات إلى إقرار قانون إنتخابي جديد أو الذهاب إلى إنتخابات نيابية مبكرة، في المقابل كانت بعض المجموعات الفاعلة في الحراك تذهب إلى تقديم طروحات غير واقعية، تقوم على أساس أن المطلوب من قوى السلطة أن تبادر إلى تسليمها السلطة من تلقاء نفسها، من دون أن تقدم أي مبرر منطقي لذلك.
بعد أيام قليلة تحل الذكرى الأولى لـ17 تشرين الأول، حيث يتم التداول في الكواليس بالعديد من المعلومات عن التوجه نحو الدعوة إلى تحركات كبيرة في الشارع، تكون مقدمة لإعادة تفعيل الحراك، خصوصاً أن هناك الكثير من العناوين التي من الممكن أن تكون دافعاً لذلك، بحسب ما تؤكد مصادر متابعة عبر "النشرة"، منها الفشل في التوافق على تشكيل حكومة جديدة، بالإضافة إلى الحديث عن التوجه نحو رفع الدعم عن السلع الأساسية، من دون تجاهل التداعيات التي يشكلها تفلت سعر صرف الدولار مقابل الليرة في السوق السوداء، بالإضافة إلى تأخر التحقيقات في إنفجار مرفأ بيروت.
على الرغم من ذلك، تطرح هذه المصادر الكثير من علامات الإستفهام حول المدى الذي من الممكن أن تذهب إليه هذه التحركات، لا سيما أنها باتت محل إنقسام أكبر بين اللبنانيين في الوقت الراهن، بعد أن كانت في بداياتها محل إجماع فيما بينهم نتيجة العناوين التي كانت مطروحة، قبل أن تدخل عليها العناوين السياسية المباشرة، بالإضافة إلى سعي بعض القوى والشخصيات إلى إستغلالها، الأمر الذي قد يمثل عائقاً كبيراً، مع العلم أن مجموعة من الناشطين كانت قد دعت، في 30 آب الماضي، قوى "الثورة" لتنظيم جبهة معارضة، مؤكدة أن "المواجهة مستمرة حتى ازالة المنظومة الفاسدة".
في هذا الإطار، تكشف مصادر أخرى، عبر "النشرة"، أن "أغلب المجموعات المعارضة، سواء تلك التي تنتمي إلى قوى وشخصيات سياسية، أو تنتمي إلى ما بات يعرف بالمجتمع المدني، في طور التحضير للتحرك المنتظر"، وتشير إلى أن "الأبرز سيكون حضور تلك التي تدور في فلك رجل الأعمال بهاء الدين الحريري، بالإضافة إلى حزبي "القوات اللبنانية" و"الكتائب"، في حين أن باقي المجموعات ستكون حاضرة بشكل فاعل، لكن كل ضمن إمكانياته الخاصة".
وتلفت هذه المصادر إلى أن "الواقع الإقتصادي والإجتماعي سيكون عاملاً مؤثراً، حيث لا تتردد بعض المجموعات غير المرتبطة بجهات سياسية، سواء محلية أو خارجية، بالحديث عن واقع مرير على هذا الصعيد"، الأمر الذي يدفعها إلى التأكيد أن "الحضور الأكبر والأكثر تنظيماً سيكون للمجموعات الحزبية، التي تسعى، منذ الأيام الأولى، إلى إعادة إنتاج نفسها عبر الحراك الشعبي، بالرغم من قناعتها بأن القوى الأخرى لم تقم، خلال الفترة الماضية، بأي خطوة إيجابيّة، لا بل أكدت أنها عاجزة عن تقديم أو قيادة أي مشروع تغييري، الأمر الذي يضع مسؤولية كبيرة عليها أيضاً".