بدأ جنود جيش الاحتلال الصهيوني، بعد شهرين من التزامهم الحجر في مواقعهم، خوفاً من ردّ حزب الله، يتحركون ليلاً… بعدما أصبحوا يعانون من الضجر.. وهو ما يعكس استمرار حالة الرعب المسيطرة على جيش العدو من رد المقاومة، بقتل جندي صهيوني، مقابل استشهاد المقاوم علي محسن في عدوان جوي صهيوني قرب مطار دمشق الدولي.. الأمر الذي عاد وذكر به قائد المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة، ليعرف العدو أنّ يوم الحساب آت لا ريب فيه.
هذا التطوّر المستمرّ بتداعياته على كيان العدو وجيشه المهزوم أمام المقاومة، يعزز ويؤكد جملة من الحقائق الهامة في هذه الأوقات بالتحديد.
الحقيقة الأولى، المدى الذي أصبح فيه جيش العدو فاقد السيطرة على الحدود مع لبنان، وهو يخشى التحرك في وضح النهار خوفاً من تعرّض جنوده لهجوم صاعق للمقاومين المستعدين لذلك.. مما يعكس الوضع المعنوي المنهار للجنود الصهاينة.
الحقيقة الثانية، المرة الأولى في الصراع العربي الصهيوني نشاهد فيها جيش الاحتلال يخلي مواقعه المحاذية للحدود ويختبئ جنوده في مواقع بعيدة عن المراقبة، فيما رجال المقاومة يتحرّكون بحُرية في الجانب المقابل للحدود مع فلسطين المحتلة والأراضي اللبنانية المحتلة، ينتظرون اللحظة المواتية لاصطياد جندي للعدو فقد أعصابه من طول الاختباء، وقد خرج من جحره.
الحقيقة الثالثة، معادلة الرعب التي باتت تفرضها المقاومة في مواجهة العدو.. معادلة تكشف انقلاب مشهد الصراع العربي الصهيوني رأسا على عقب.. مشهد تحوّل فيه الجيش الذي قيل إنه لا يُقهر، إلى جيش مقهور ومرعوب وخائف وجبان، من مقاومين أشدّاء يملكون الإيمان والقدرة والعزيمة والاستعداد الدائم على مقارعته ومهاجمته في مواقعه وهو في أعلى درجات الاستنفار ينتظر هجوم المقاومين.
هذا الوضع اعترف به جيش الاحتلال في تقرير له بأنه أجرى تغييراً على تحركاته وانتشاره في مناطق الحدود مع لبنان، وسط قلق من حركة المقاومة على الجانب المقابل من الحدود استعداداً لأنشطة.. كما أقرّ انّ حزب الله فرض معادلة اشتباك معنا.
الحقيقة الرابعة، ظهور قوة وهيْبة وسطوة المقاومة في مواجهة جيش صهيوني باتت تتملكه حالة الخوف والرعب، ترافق أيضاً مع توجيه قائد المقاومة ضربة قاضية، للحرب الدعائية الصهيونية ضدّ المقاومة، بإسقاط وفضح رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، وهو يكذب على العالم أجمع من أعلى منبر أممي، وهو الأمم المتحدة، عندما ضبطه بالجرم المشهود، وهو يحاول خداع الرأي العام العالمي ودول العالم والشعب اللبناني، بزعم أنّ المقاومة تخزن صواريخها وسط الأحياء السكنية، وانّ هناك مخزناً لهذه الصواريخ في حي الجناح في بيروت قد يتسبّب بانفجار مماثل لانفجار مرفأ بيروت، في محاولة خبيثة لتأليب اللبنانيين والعالم ضدّ المقاومة، وتوجيه ضربة موجعة لقيادة المقاومة وجعلها في وضع حرج أمام جمهورها…
لقد أدّى هذا النجاح لقائد المقاومة إلى تعزيز مصداقيته، ومصداقية وأخلاقية المقاومة في الحرب النفسية ضدّ العدو، وحربه الدعائية التي يشنّها، في محاولة يائسة لتشويه صورة وسمعة المقاومة…
الحقيقة الخامسة، تأكد بما لا يدع مجالاً للشك أنّ المقاومة تملك من القوة ما يمكن لبنان من منع العدو من تحقيق مخططاته وأهدافه العدوانية، الفتنوية التخريبية في لبنان، وأنّ هذه المقاومة، المستندة إلى المعادلة الذهبية «الجيش والشعب والمقاومة»، هي التي استند إليها دولة الرئيس نبيه بري في إجبار واشنطن وحكومة العدو على التسليم بشروط لبنان لترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وفلسطين المحتلة.. وهي الشروط التي تقوم على نفس القواعد التي فرضتها المقاومة في خلال عدوان عناقيد الغضب عام 1996، تفاوض غير مباشر تحت راية الأمم المتحدة أفضى إلى إجبار العدو الصهيوني على القبول بتفاهم نيسان لوقف قصف المدنيين، وتكريس حق المقاومة في الاستمرار في عملياتها ضدّ جيش الاحتلال… ومن هذا المنطلق فإنّ معادلة القوة التي فرضتها المقاومة، والتي يستند إليها المفاوض اللبناني اليوم، هي التي ستلزم العدو بالتسليم بكامل حقوق لبنان ومنعه من الحصول على أيّ مكاسب يطمح إليها في المياه الإقليمية اللبنانية أو في الأراضي اللبنانية.. ولهذا لن تنجح كلّ محاولات التضليل والتعمية على هذا الإنجاز الجديد الذي فرصته معادلة القوة الذهبية، في محاولة تصوير الأمر على أنه سيقود إلى انخراط لبنان في عقد اتفاق 17 أيار جديد… فالزمن الذي كان يستطيع فيه العدو والمتعاملون معه، ان يفرضوا مثل هذا الاتفاق، قد ولى إلى غير رجعة.. فلبنان أصبح يعيش في زمن المقاومة التي ألحقت الهزائم بالقوة الصهيونية وأدواتها الإرهابية… وهو ما جعل لبنان قوياً بمقاومته… واضعاً نهاية لمقولة قوة لبنان في ضعفه، التي جعلته مستباحاً أمام الاعتداءات الصهيونية لزمن مضى…
الحقيقة السادسة، بات نتنياهو يواجه اليوم أسوأ لحظات حكمه، فهو في وضع أصبح فيه فاقداً لأيّ مصداقية، عارياً أمام الرأي العام «الإسرائيلي»، وهو أصبح بنظره أشبه بالراعي الكذاب الذي لم يعد يصدّقه أحد…
الحقيقة السابعة، انكشاف وتعرية الجماعات المتأمركة المتصهينة في لبنان، التي بات ينطبق عليها المثل، «عنزة ولو طارت»… فهم لا يريدون التراجع والتوقف عن الإيغال في حملتهم المسعورة ضدّ المقاومة، رغم أنهم لا يلقون الصدى، وباتوا مكشوفين تماماً أمام الرأي العام بأنهم مجرد أدوات مأجورة لا همّ لها سوى التصويب على سلاح المقاومة الذي يخيف العدو ويجعله يحيك المؤامرات ضد لبنان في محاولة يائسة لتشويه دور هذا السلاح الذي يحمي لبنان ويردع جيش الاحتلال من الاعتداء عليه، أو السطو على ثرواته…