دعا وزير المالية الأسبق جورج قرم، في حديث لـ"النشرة" اللبنانيين وكل محبّي لبنان إلى مقاومة كل الطروحات التي تدعو إلى بيع أملاك الدولة اللبنانية ومؤسّساتها، مُبديًا أسفه لأن لبنان يعيش في ظل نظام دكتاتورية المصارف، معتبرًا أن "البنوك هي من تقف خلف هذه الدعوات بالإضافة إلى صندوق النقد الدولي، وهذا الخيار يجب أن يواجه بتحركات شعبية شرسة لوقف هذا الخيار الإنتحاري".
ورأى قرم أن "لا أمل بالوصول إلى حلول على المستوى المالي إذا لم يحصل تغيير في حاكمية المصرف المركزي، وسنصل إلى مراحل أشدّ صعوبة من التي نعيشها اليوم"، معتبرًا أن "هناك ثروات لكبار الرأسماليين في لبنان ويمكن فرض ضريبة إستثنائية عليها، وهذا ما كان يجب أن يحصل بعد نهاية الحرب اللبنانية، ولكن للأسف كل ذلك لم يحصل لأن الدولة تقف في ضفة المصارف".
وشدّد قرم على أن "استعمال أصول الدولة اللبنانيّة أو الذهب سيقضي على ما تبقّى من الاقتصاد اللبناني، والأخطاء التي ارتكبها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أصابت الإقتصاد بالشلل، ولا يمكن الوصول إلى سياسة إقتصادية محدّدة في ظل الفوضى التي يعيشها البلد على مستوى سعر صرف الدولار، إذ أن هناك اليوم أكثر من 5 أسعار للصرف"، معتبرًا أن "تثبيت سعر الصرف في السنوات الماضية أمّن مداخيل ريعيّة لأصحاب الرساميل الكبيرة ودمّر الاقتصاد، في حين كانت الليرة اللبنانية من أقوى العملات في العالم".
وتابع قرم: "في ظل ما يُحكى عن إمكانية رفع الدعم عن المحروقات والأدوية والطحين مطلع العام المقبل، نطرح السؤال: هل يحق لمصرف لبنان الإستفراد بمثل هكذا قرار"؟، مؤكدًا أن "هذا القرار هو بيد الحكومة مجتمعة"، متمنّيًا أن تكون شركة Alvarez & Marsal المعنية بالتدقيق المالي مستقلة بقرارها ولا تتأثر بحاكمية المصرف المركزي والمصارف، متسائلًا: "أين كانت لجنة الرقابة على المصارف عندما كان هناك مصارف تهرّب من أموالها إلى الخارج"؟.
ولفت قرم إلى أن "لا أحد يكترث بأموال المودعين، وما حصل في لبنان هو شواذ نادر حيث وضعت المصارف يدها على أموال الناس"، مشيرًا الى أن "المودعين الكبار تمكنوا من تهريب أموالهم إلى الخارج، وبرأيي على المستوى النظري يمكن استعادتها إذا وصلنا إلى نظام مدني، ويمكن مطالبة المصارف في سويسرا بالكشف عن الأموال المشبوهة التي تم تحويلها، أما الحديث عن قوانين لمكافحة الفساد مضحك في ظل النظام الطائفي القائم".
وردًا على سؤال حول تأكيد وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني على ضرورة أن تتحمّل الدولة اللبنانية المسؤولية الأكبر من الخسائر، اعتبر قرم أن "الدولة مسكينة فبعد أن ورطوها بالمديونية يريدون تحميلها المسؤولية ويتذرّعون بأن لا حل آخر أمامها، مع العلم أن هناك العديد من السياسات التي يمكن اعتمادها"، مذكرًا بأنه "عندما كنت وزيرًا للمال في العام 2000 وبالتزامن مع مرحلة الاعتداءات الإسرائيلية وتدمير البنى التحتية قمت بتخفيض الفوائد من 22 بالمئة إلى 14 بالمئة، ولم أطلب حينها مساعدة من الخارج".