لفت رئيس "حزب الكتائب اللبنانية" النائب المستقيل سامي الجميل إلى أنّ "حزب الكتائب" يقف في صفّ المعارضة التغييريّة السياديّة السلميّة"، مشيرًا إلى أنّ "المنظومة الحاليّة أثبتت أنّها غير قادرة على بناء لبنان أفضل، وأنّها أَوصلت لبنان إلى المكان الّذي وَصل إليه، وأنّها خاضعة لإرادة "حزب الله" الراعي لهذه المنظومة، الّذي يضع قواعد اللعبة ويُسهّل أمورها ويغطّيها بكلّ الارتكابات الّتي قامت فيها في الفترة السابقة، وفي المقابل المنظومة تغطّي سلاح "حزب الله" وتعطيه الغطاء اللّازم".
وأوضح في مقابلة عبر تلفزيون "الحرة"، أنّ "التسوية الّتي تمّ الاتفاق عليها في العام 2016، قوامها: المنظومة تغطّي السلاح والسلاح يغطّي الفساد والمحاصصة"، مركّزًا على أنّ "2016 هي الحدّ الفاصل بين مرحلة انقسام المنظومة على موضوع "حزب الله" ومصالحة هذه المنظومة مع بعضها البعض مقابل إعطاء الغطاء لـ"حزب الله"، وهي الحدّ الفاصل الّذي تمكّن فيه الحزب من أن يسقط كلّ الحواجز الّتي كانت موضوعة أمامه للاستيلاء على مؤسّسات الدولة، فقد وَضع يده على رئاسة الجمهورية، من ثمّ الحكومة ومجلس النواب عبر قانون الانتخابات الّذي فَرضه على كلّ الطبقة السياسيّة الّتي قبلت بالقانون، رغم إدراكها سلفًا أنّه سيعطي الأكثرية لـ"حزب الله" ومن خلال هذا القانون ومع حصوله على الأكثرية تحكّم بكلّ القرار، بتشكيل الحكومات وتكليف رئيس الحكومة وبانتخابات رئاسة الجمهورية".
وشدّد الجميل على أنّ "التسوية والقانون الانتخابي مكّنا "حزب الله" من وضع يده على المؤسّسات الدستوريّة". وعن المواجهة القادمة مع المنظومة ومن خلفها "حزب الله"، بيّن "أنّنا نؤمن أنّ اللبنانيّين استوعبوا أنّ هذه المنظومة لن تأتي بأمر إيجابي لمستقبلهم ومستقبل أبنائهم، وهم يبحثون عن بديل عنها"، منوّهًا إلى أنّ "المواجهة يجب ان تحصل على يد شباب لبنان المنتفض على الواقع بإطار تغييري والمطالبة بدولة قانون سيدة مستقلّة، فيها كفاءات ووجوه جديدة وتدار بمفهوم ونهج جديد في العمل السياسي مبني على تحمّل مسؤوليّة المشاريع وتقنيّات الـ2020".
ورأى أنّ "المواجهة القديمة التقليديّة بين 8 و14 آذار أثبتت فشلها بسبب قياداتها الّتي أبرمت التسوية وأخذت لبنان إلى مكان آخر، فكلّ ما يهمّهم هو منطق السلطة"، مؤكّدًا أنّ "هذه المواجهة لم تكن مواجهة عقائديّة بل مصلحيّة، فعند تلاقي المصالح نسيوا الشهداء والمواجهة والمبادئ والسيادة والاستقلال، وأبرموا تسوية وكأنّ شيئًا لم يكن ولم يعد هناك مشكلة سلاح". وجزم أنّ "هذا المنطق التسووي لا يبني بلدًا. نحن بحاجة لنمط جديد ولأناس لديها إرادة لبناء بلد جديد مختلف عن الّذي كنّا فيه".
وأشار إلى أنّ "ما مِن ثورة تدوم لسنوات، فالثورة عبارة عن ردّة فعل محدودة بالوقت وقد تطول شهرًا أو شهرين لكنّها لا تدوم لسنة"، موضحًا أنّ "ثورة 17 تشرين الأول 2019 أنتجت رأيًا عامًّا مختلفًا يُحاسب ويُريد التغيير، وقد نزل إلى الشارع ومن ثمّ اعتكف وبقي في البيت"، مبيّنًا "أنّنا إن كنّا لا نرى الناس في الشارع، فلا يعني ذلك أنّ الرأي العام لم يعد موجودًا، فهو يبحث عن أطر مختلفة للمواجهة الّتي بدأها في 17 تشرين".
وكشف الجميل "أنّنا بصدد تقديم خيار بديل يجسّد الطموح، وعلينا أن ننظّم أمورنا بطريقة مختلفة، لأنّه حان الوقت لإنتاج إطار جامع سياسي منظّم لمواجهة المنظومة وما وراءها أكان بالإعلام أو في الشارع أو عبر الانتخابات، وهذا ما نسعى إليه بالتواصل مع المجموعات والشخصيّات والرأي العام التغييري المعترض الّذي يطمح لبناء بلد مختلف". وعن تأكيد "حزب القوات اللبنانية" و"الحزب التقدمي الإشتراكي" أنّهما إلى جانب الثورة، أكّد أنّه "لا يمكن أن تكون مع الثورة والمنظومة في آن معًا، فلا يمكن أن تخوّن الثورة والمعارضة وبعد الثورة تصبح جزءًا منها".
وذكر حول علاقته برئيس الحكومة السابق سعد الحريري، أنّ "العلاقة الشخصيّة جيّدة لكن مشكلتنا سياسيّة"، مشدّدًا على أنّ "لا مشكلة شخصيّة مع أحد"، ولافتًا إلى أنّ "الأمور تقف عند الموقف السياسي ومصلحة لبنان". وركّز على "أنّني أعطي رأيي بمواقف السياسيّين، وأقيّم المواقف وأتّخذ الموقف على أساسها، فعلاقتي الشخصيّة جيّدة مع الكل". أمّا عن العلاقة مع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، فأفاد بـ"أنّني قد أرسلت له رسالة هنأته فيها على شفائه أخيرًا"، داعيًا إلى أن "يكون الموقف السياسي واضحًا وغير قابل للمساومة، من دون أن يتأثّر بالعلاقة الشخصيّة لا سلبًا ولا إيجابًا".
وردًّا على سؤال حول متى يتصالح سامي الجميّل مع "حزب الله"، فأوضح أنّه "عندما يقتنع بأنّ عليه أن يضع نفسه تحت سقف الدولة والدستور وعلى قدم المساواة مع باقي اللبنانيين، ذلك أنّ "حزب الله" يعتبر أنّ الدستور والقانون لا يعنيانه وهو فوقهما ويعيش في بلد مختلف عن باقي اللبنانيّين وهذا لا يمكن ان يستمر، فلا يمكن أن نرى مشهدين مختلفين في بلد واحد، ففي بعلبك الهرمل رأينا السلاح والميليشيات وقوافل المسلحين، وفي بكفيا نرى المحال مقفلة بقرار من وزير الداخلية".
كما أعلن الجميل "أنّنا نعيش انفصامًا في لبنان، حيث نرى حياتَين مختلفتين لا يمكن أن تتعايشا في البلد نفسه، فهناك جوّ ميليشياوي وفلتان أمني ومعارك من دون حسيب أو رقيب، وفي المقلب الثاني دولة قانون وتوقيفات. فإمّا أنّ منطق الدولة سيتبنّى منطق اللادولة وهذا ما أخشاه، أو أنّ منطق الدولة الموجود في مكان آخر في لبنان سيسيطر عليه منطق اللادولة"، شارحًا أنّ "منطق اللادولة موجود في مناطق لبنانيّة من جميع الطوائف، ومنطق الدولة موجود في مناطق لبنانيّة أُخرى يتواجد فيها أشخاص من جميع الطوائف"، ومؤكّدًا أنّ "المشكلة ليست مشكلة مسلم مسيحي بل مشكلة منطق دولة في مقابل منطق اللادولة، وهم لا يتعايشون مع بعضهم البعض، ولا نستطيع أن نستمر كما نعيش اليوم".
وجزم أنّه "طالما أنّ "حزب الله" يريد أن يستمر بهذا المنطق، فالنسبة لي لا مجال للوصول معه إلى أي نتيجة، لأنّه يَعتبر أنّه يعتمد على منطق الغالب والمغلوب وليس على منطق المساواة، فهو يعتبر نفسه الرابح ويريد فرض كلّ شيء على الناس"، مؤكّدًا أنّ "هذا المنطق سوف يولد ردّة فعل، وفي المقابل قد تأخذ ردّة الفعل هذه البلد إلى الانتحار. هذا ما نحذّر منه". وفسّر أنّ "مشكلتي مع "حزب الله" ليست لكونه شيعيًّا، بل لأنّه يحمل السلاح. لَو كان من يحمل السلاح درزيًّا أو سنيًّا أو مسيحيًّا لكانت لديّ المشكلة نفسها".
أمّا عن المبادرة الفرنسية وكيفيّة التعاطي معها من قبل الأفرقاء، أوضح أنّ "هناك رئيس جمهورية صديق للبنان يرى لبنان ينهار ويرى ألّا شيء يمكن أن ينقذه، فأتى كي يمنع لبنان من السقوط هكذا أرى المبادرة"، ورأى أنّ "تسرُّع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سببه معرفته أنّ البلد سينهار إن لم يتدخل هو، وقد حاول أن يعطي فرصة أخيرة للمنظومة السياسيّة لإنقاذ البلد، ولكن للأسف هذه المنظومة السياسية لا يهمّها البلد ولا الناس بل نفسها". وركّز على أنّ "آخر ما كان من الممكن أن يتصوّره ماكرون هو ألّا تستغل هذه المنظومة السياسيّة الفرصة الّتي قدّمها كي يبادروا إلى إنقاذ شعبهم، لأنّهم لَو تجاوبوا مع ماكرون وشكّلوا حكومة مستقلة بالكامل ومضوا بالمنطق الإصلاحي لكنّا تمكنّا من جذب الاستثمارات والمساعدات وضخّ المال ومشاريع تدخل المال إلى لبنان وتدعم الاقتصاد، لأنّ الكارثة أنّ اقتصادنا انهار بعد أن فرغت المصارف اللبنانية من العملة الأجنبيّة، ما أدى إلى انهيار الليرة ما تسبّب بانهيار القدرة الشرائية، بحيث أصبحت الرواتب لا قيمة لها وهذا أدّى إلى إفقار اللبنانيّين وانهيار الاقتصاد".