يبدو أن الأوضاع في لبنان، بعد إعلان رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الإطار العملي، لترسيم الحدود، بين لبنان وفلسطين المحتلة، ليس كما قبله، خصوصاً على الصعيد الحكومي، فالأجواء السياسية، لم تعد "سوداويةً" في المطلق، وكان المؤشر الأبرز الى ذلك، الإطلالة الأخيرة، للرئيس سعد الحريري، فكانت بمنزلة إعلان ترشحّه الى رئاسة الحكومة مجدداً، بعد مضي نحو عامٍ على إستقالته، ورفضه القاطع، قبوله التكليف بتشكيل حكومةِ، إلا وفق شروطه، والأساسي منها: تأليف حكومة من ذوي الإختصاصات، لوقف الإنهيار المالي، والحد من التدهور الإقتصادي في شكلٍ عام.
أما جديد الحريري اليوم، فقد أضفى على شروطه السابقة، تعديلاً طفيفاً، أعلنه في الإطلالة المذكورة آنفاً، وهو تحديد مهلة زمنية، لإنتهاء أجل حكومته المفترضة، فقد حدد عمرها، بستة أشهرٍ، على أن تكون مهمتها محصورةً، بوضع الأسس الرامية لوقف "الإنهيار"، والبدء في إعادة بناء العاصمة بيروت، وإزالة الخراب، الذي خلفته، كارثة الرابع من آب.
إذا،ً أفرغ الحريري ما في جعبته عن الشأن الحكومي، في إنتظار ردود، الأطراف الآخرين المعنيين في تشكيل الحكومة المرتقبة أيضاً.
وتعقيباً على ما ورد آنفاً، تعتبر مصادر في فريق الثامن من آذار، أن الحريري حاول من خلال إطلالته المتلفزة الأخيرة، تلميع صورته أمام الرأي العام اللبناني، بعد "الهجوم الذي شنه على مختلف الجبهات الداخلية"، وفي كل الإتجاهات، محاولاً إبعاد المسؤولية عنه، وعن فريقه السياسي، بكل الخراب الذي حدث في لبنان، وكأنه وليد سنة من الزمن، لا أكثر، بعد هروب الحريري من مسؤولياته، اثر إحتجاجات تشرين الأول الفائت، على حد تعبير المصادر.
وتؤكد أن أبرز الرسائل، التي بعث بها الحريري: الأولى موجهه الى الداخل، وهي أشبه بـ "جس نبض"، الأطراف اللبنانيين المعنيين في الشأن الحكومي، إذا كان لديهم إستعداد للموافقة على شروطه الواردة آنفاً، علماً أنها غير منطقية، برأي المصادر. وتسأل من يضمن الظروف في البلد، التي قد تحول دون تشكيل حكومة جديدة، بعد إنتهاء صلاحية الحكومة، (أي بعد إنقضاء ستة أشهر)، التي طرحها الحريري، في إطلالته الأخيرة، وقد تعمر "حكومة الإختصاصيين" هذه، حتى إشعار آخر، أضف الى ذلك، أن رئيس تيار "المستقبل"، هو من الساسة، وليس من أهل الإختصاص، لكنه، تلقى نصائح من جهات داخلية وخارجية، بإعادة طرح شروطه السابقة، لقبوله "التكليف"، على اعتبار أن فريق الأكثرية منهك راهناً، وقد يوافق على الشروط المذكورة، هذه المرة، بحسب معلومات المصادر.
أما الرسلة الثانية، فهي موجهه نحو الخارج، ومفادها: "أن رئيس التيار الأزرق، لن يترأس حكومةً من السياسيين، بالتالي سيبعد حكماً، ح ز ب الله، والنائب جبران باسيل عنها"، كما تشتهي الولايات المتحدة، والمملكة السعودية، في إنتظار إعطائهما، الضوء الأخضر، للحريري، للمضي قدماً في ترشحه الى الرئاسة الثالثة، ودائماً برأي المصادر.
وتشير الى أن الثنائي ح ز ب الله، وحركة أمل، ليسا ضد تكليف الحريري من الأساس، ولكن لا يمكن الجزم من الآن، أنه، سيحظى بتأييد الأكثرية النيابية، رغم تأكيد باسيل، تسهيل تأليف الحكومة العتيدة، ولكن هل يعقل أن يلغي نفسه، تسأل المصادر؟ وتختم بالقول: "إن نسبة إمكان تسمية الحريري، رئيساً مكلفاً، لا تتجاوز الـ 45، بالمئة، حتى الساعة".
في إنتظار "الضوء الأخضر" المشار إلية آنفاً، تشير مصادر متابعة لمسار تأليف الحكومة، إلى أن الأجواء السياسية، خصوصاً في ما يتعلق بالشأن الحكومي، تميل نحو الإيجابية. وتؤكد أن في حال تولى الحريري، تشكيل الحكومة العتيدة، في طبيعة الأحوال، سيسمي وزراء السنة، وحكماً، سيسمي فريق رئيس الجمهورية، والتيار الوطني الحر، الوزراء المسيحيين، ما يؤشر الى أن الأفق الحكومي، ليس مسدوداً بالكامل، تختم المصادر.
وفي سياق المواقف التي أطلقها الحريري أيضاً، يرى مرجع إسلامي، أن رئيس الحكومة السابق، بعث برسائل إيجابية، في إتجاه محور المقاومة، وسورية، رغم الهجوم الذي شنه، على الثنائي الشيعي، والحكم في سورية، غير أنه إستهدف بقوة، "القوات اللبنانية"، كذلك إنتقد النائب وليد جنبلاط، وهذا يعني أن " الحريري نيو فيرجن"، صار خارج الإصطفاف السياسي، الذي كان منضوياً فيه سابقاً، بالتالي لم يعد قرار الحريري، متماهياً بالكامل مع توجهات جنبلاط.
وهذه الرسائل، بمنزلة تقديم أوراق إعتماد حريرية لدى ح ز ب الله، بحسب رأي المرجع. وفي السياق عينه، عبّر الحريري إستيائه للعنف المسلح في سورية، رغم أن مواقفه في هذا الشأن، لا يعول عليها، ولكنها بدون شك، إتسمت بالإيجابية، خصوصاً الرسائل التي وجهها لمحور ال م ق ا و م ة، يختم المرجع.