ملفان رئيسيان يشغلان اهتمام المسؤولين الفلسطينيين في لبنان وسط تسارع التطورات السياسية في المنطقة، استكمال المصالحة الوطنية وانهاء الخلافات "الفتحاوية–الحمساوية"، بعدما قطعت اشواطا متقدمة الى الامام، بإنتظار عقد اجتماع ثان للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، للاتفاق على المهل الزمنية للانتخابات التشريعية والرئاسية والوطنية بالتوالي، ومكافحة وباء "كورونا" بعد تفشيه في المخيمات، مع ارتفاع اعداد المصابين والوفيات، حيث بات التحدي الاصعب والمنتظر محاصرته بأقل الخسائر الممكنة في ظل امكانيات مالية ضعيفة وكثافة سكانية مكتظة.
في الملف الاول، تسير المصالحة بخطًى ثابتة ولكن ببطء والسبب هذه المرة ليست الخلافات، بل تفشي فيروس "كورونا" بين عدد من المسؤولين الفلسطينيين ومن بينهم "فتح" و"حماس" وانتشاره بشكل سريع في الضفة الغربيّة ولبنان وتركيّا حيث يتوزعون، غير ان حراكا لافتا على طريقها أنجز منذ أيام وتمثل بزيارة قام بها المشرف على ملف المصالحة أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" اللواء جبريل الرجوب الى سوريا، والتقى عددا من المسؤولين السوريين وعقد اجتماعات منفردة مع مسؤولي الفصائل الفلسيطينة المتواجدة فيها وهي "الجبهة الديمقراطية"، "الجبهة الشعبية"، "الجبهة الشعبية-القيادة العامة، "مُنظّمة الصاعقة" و"حركة الجهاد الإسلامي"، قبل ان يعقد لقاء موسعا معهم مجددا، حيث وضعهم بأجواء اللقاءات مع "حماس" وما تم التوافق عليه للمرحلة المقبلة تمهيدا لعقد اجتماع ثان للأمناء العامين.
ووصفت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، الاجواء بانها "ايجابيّة"، وقد جرى بحث إستكمال الحوار الوطني الفلسطيني الشامل بمُشاركة جميع الفصائل الفلسطينية دون استثناء، تكريس الشراكة الوطنية عبر التوافقات والتفاهمات لكل القضايا الوطنية، انهاء الانقسام واستعادة الوحدة الداخلية الوطنية، تفعيل وتطوير وإعادة بناء "منظمة التحرير الفلسطينية"، تفعيل المُقاومة الشعبية الشاملة، التوافق على صيغة استراتيجية لمُواجهة شاملة، بما في ذلك تشكيل القيادة الوطنية المُوحدة، توقيع الفصائل على تفويض خطي بالموافقة على إجراء الانتخابات العامة، التشريعية، فالرئاسية، والمجلس الوطني، على أن يُصدر الرئيس محمود عباس مرسوماً رئاسياً بإجراء الانتخابات ويتم عقد الاجتماع المُقبل للأمناء العامين في القاهرة.
وأكدت المصادر، وجود إجماع لدى الفصائل كافة على ضرورة انجاز الوحدة، وتحقيق الشراكة من خلال انتخابات وطنية شاملة، إضافة لتنفيذ كل ما نتج عن اجتماع الأمناء العامين للفصائل ما بين بيروت ورام الله، بما ينهي الخلافات سريعا ويشكل دعما حقيقيا للموقف الفلسطيني الرسمي والسياسي والشعبي في رفض صفقة القرن وقرار الضم والتطبيع وكل الضغوط التي تمارس من اجل تصفية القضية وشطب حق العودة.
كورونا المخيمات
في الملف الثاني، فان تفشي "كورونا" في المخيمات بات أمرا واقعا، وكل الجهود التي بذلت على مستوى وكالة "الاونروا" والهيئات الطبية الفلسطينية هو تأخير تغلغله بين صفوف أبنائها، في محاولة للاستفادة من عامل الوقت لوضع خطة طوارئ صحّية وتدريب الاطقم الطبّية والاسعافيّة، ولتجهيز ما أمكن من مستشفيات تابعة لجمعيّة "الهلال الاحمر الفلسطيني" وتوفير مراكز عزل، فيما بدا لافتا أمرين:
الاول: ازدياد الغضب الشعبي على وكالة "الاونروا" لعدم اعلانها حالة الطوارئ الصحية بما يتماشى مع خطورة الوباء بحيث تكون التغطية الصحية كاملة وليست نسبة، واعلانها بصراحة انها تقع تحت عجز مالي خطير قد يدفعها الى تقليص خدماتها وعدم دفع رواتب الموظفين في الاشهر المقبلة، بدلا من زيادة مساعداتها الاغاثية في هذه الظروف الاقتصادية والمعيشية الخانقة، ما انعكس مزيدا من اليأس والاحباط لدى أبناء المخيمات.
والثاني: تحول كبير في درجة وعي أبناء المخيمات لجهة الالتزام أكثر بالاجراءات الوقائية، وخاصة وضع الكمامة والتباعد الاجتماعي بعد مرحلة من التراخي، قناعة منهم ان خلاصهم هو بتطبيق اجراءات السلامة كخط دفاع أول عن حياتهم وعائلاتهم وجيرانهم وأقاربهم، مصحوبا برفع عدد فحوصات الـPCR لتحديد المصابين والقيام بالعزل منعا للمزيد من التفشي خاصة وان كثيرا من المصابين لا يشعرون بعوارض المرض في هذه الفترة.
وأكّد مدير مستشفى "الهمشري" في صيدا التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، الدكتور رياض أبو العينين، انه "نتيجة الضغط على وزارة الصحة اللبنانية، تم تكليفنا بإجراء حملات الفحوصات لأبناء شعبنا الفلسطيني في مختلف المناطق اللبنانية، ونعمل اليوم بالتعاون مع "الأونروا" وبالتنسيق التام مع وزارة الصحة، وهناك متابعة كاملة لجميع الحالات المصابة"، موضحا اننا "أنشأنا ثلاث غرف عزل خارج مستشفى الهمشري، نعالج فيها المرضى، لعدم وجود أسرة في المستشفيات الخاصة لاستقبال مرضى الفيروس. وبالتعاون مع سفارة دولة فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية والسفير أشرف دبور، نكثّف جهودنا لتجهيز الطابق الخامس من المستشفى لاستقبال المصابين بالوباء، وخلال الأيام القليلة المقبلة سنكون جاهزين لاستقبال المرضى، وهناك تواصل دائم مع السفير دبور بهذا الخصوص".
وأعلنت وكالة "الأونروا" في احصائها الدوري بأنَّ هناك ٤٣٢ حالة نشطة مصابة بفيروس "كورونا" في أوساط اللاجئين الفلسطينيين داخل المخيمات وخارجها، ليبلغ العدد التراكمي منذ شباط الماضي ١٣٦٩ وعدد الوفيات ٣٨ حالة، بينما بلغ عدد المتعافين ٨٩٩ حالة.