تتضارب المعلومات وتتقاطع المعطيات وتتشابك التحليلات، والسؤال واحد: هل سيكون سعد الحريري رئيساً مكلفاً الخميس ام ستؤجل الاستشارات اسبوعاً آخراً ؟ وهل سيتمكن الحريري من تحقيق ما عجز عنه مصطفى أديب بوهج المبادرة الفرنسية بفترة لا تتعدى الاسبوعين؟ والسؤال الاهم: هل يغطي الاميركيون ترشيح الحريري ليؤلف قبل تكليفه حكومة «المهمة الانقاذية» وعدم إنتظار انتهاء الانتخابات الاميركية ونضوج المفاوضات الاميركية- الايرانية؟
كلها اسئلة تنتظر الاجابات عنها خلال 48 ساعة، وقد يجاب على قسم منها وقد يترك البعض الآخر الى أسبوع آخر للحسم. هذه الاجابات التي تنقلها لـ«الديار» اوساط رفيعة المستوى في 8 آذار وهي حصيلة اتصالات جرت بين مختلف مكونات هذا الفريق.
وتقول الاوساط ان «إطار الاتفاق» لإنطلاق المفاوضات غير المباشرة ولترسيم الحدود البرية والبحرية بشكل متلازم بين لبنان والعدو الاسرائيلي والذي اعلنه رئيس مجلس النواب بري في 2 تشرين الاول الجاري وربطه بدعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى الاستشارات النيابية الملزمة في 15 الجاري وبعدها تحديد الجلسة الاولى للتفاوض غير المباشر في 14 الجاري ولتجرى الاستشارات بعد لقاء الناقورة بيوم، لا يصح لكون القوى الاساسية في فريقنا تؤكد ان لا صفقة من اي نوع من الاميركيين او اي طرف آخر لربط هذه الامور وإظهارها على انها بداية مسار جديد في العلاقة بين لبنان واميركا والعدو. وتقول الاوساط ان في السياسة قد يعتبرها البعض ميزة اساسية او اوراق شكلية يستفيد منها الاميركي في الانتخابات الرئاسية ولا سيما دونالد ترامب وقد يراها البعض انها استفادة لبنانية من اشارة اميركية بوقف عرقلة الحكومة وتسهيل ولادتها.
وتؤكد الاوساط ان كلا الامرين لا تأكيدات حولهما في الداخل والخارج ولو هلل الاميركيون و«الاسرائيليون» للامر اعلامياً، والدليل الاكبر التزام لبنان بشكل التفاوض غير المباشر وبالوفد التقني حصراً وبالتمسك بكل الحقوق اللبنانية وهذا امر محسوم.
وتلمح الاوساط الى ان هناك جواً في لبنان عممته مصادر دبلوماسية غربية على نطاق ضيق ان ترشيح الحريري اتى بضوء اخضر اميركي غير مباشر ليس للحريري بل للفرنسيين ولتزخيم «مبادرة ماكرون»، بينما لا دور للسعودية في الامر، اي ان تأثير المملكة محدود في هذه الفترة على الملف اللبناني وهي خارج «السمع»، فإذا وافق الاميركيون على اعطاء ضوء اخضر يسير السعوديون به.
وتقول الاوساط ان الفرنسيين ايضاً يروجون ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وقبل اعلان الحريري ترشيحه «الطبيعي» قام بسلسلة اتصالات بدأت بإيفاد السفير السابق في لبنان برونو فوشيه الى الضاحية ولقائه مسؤول العلاقات الدولية والعربية السيد عمار الموسوي وإبلاغه بوجود تزخيم جديد للمبادرة الفرنسية.
كما اتصل ماكرون بالايرانيين وابلغهم الامر نفسه، وطالباً من الطرفين التسهيل فأبلغه الجانب الايراني ان الملف الحكومي عند حزب الله وعليه التفاهم معه. في حين يتمسك حزب الله المبادرة الفرنسية كما هي والتي اتفق عليها في قصر الصنوبر بغالبيتها وليس كليتها وان لا يكون هناك شروط مسبقة او تحديد لكيفية مشاركة «الثنائي الشيعي» بالحكومة وتسمية ممثليه في حكومة سياسية مطعمة بمختصين او العكس.
وتقول الاوساط انه بناء على هذه الاجواء، باشر الحريري اتصالاته من بيت الوسط مع «الرؤساء الثلاثة» السابقين للحكومة لتأكيد الانطلاق الشكلي لترشيحه ومباركته من قبلهم، ومن ثم التقى الرئيسين عون وبري وكان التواصل بحد ذاته ايجابياً لطي صفحة الماضي والدخول في سياق طرحه الحكومي. ونصح الرجلان الحريري بالواقعية والانفتاح على كل الكتل السياسية وان يقف على آرائها من دون شروط مسبقة وان يعرف ان الطريقة التي تعاطى بها الرئيس مصطفى اديب والرؤساء السابقون للحكومة لن تصلح.
وحتى الانطلاق من حكومة مستقلين غير صالح للنقاش في هذه المرحلة. حيث تشير الاوساط الى ان المعطيات تؤكد مقاربة الحريري للامور من منظار مختلف. والحريري ليس نفسه الذي استقال منذ عام او برز مفاوضاً شرساً قبل شهر من الآن بل هو الحريري «الواقعي» الذي سيشكل الحكومة الواقعية، وتكشف الاوساط ان امام الحريري لقائين هامين في الساعات الـ24 المقبلة حيث سيلتقي الحاج حسين الخليل معاون الامين العام لحزب الله والنائب جبران باسيل بعد شفائه من «الكورونا»، وبناء على الحصيلة الرباعية للقاءاته، سيتحدد مصير مشاورات الخميس النيابية في بعبدا والتي قد تتأجل الى الاسبوع المقبل للافساح امام مزيد من الاتصالات ولحسم التأليف قبل التكليف وللاتفاق على سلة متكاملة من شكل الحكومة وعددها وطبيعتها وبرنامجها.