رأت صحيفة "الفاينانشال تايمز" البريطانيّة، في مقال رأي بعنوان "ثلاثة رجال أقوياء في معركة من أجل الشرق الأوسط"، أنّ "هناك الكثير من القواسم المشتركة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب اردوغان وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فجميعهم وطنيّون ولديهم طموحات إقليميّة".
وأشارت إلى أنّهم أيضًا "مستبدّون يتمتّعون بسلطة مركزيّة، كما أنّهم شرسون في التعامل مع المعارضة السياسيّة المحليّة. وجميعهم مجازفون يَسعدون باستخدام القوّة العسكريّة"، مبيّنةً أنّ "هؤلاء الثلاثة الأقوياء، يؤمنون أيضًا بـ"دبلوماسيّة العلاقات الشخصيّة". ويمكن أن يكونوا أصدقاء مقرّبين اليوم وأعداء لدودين في الغد". وركّزت على أنّ "هذا مهم لأنّ مصالحهم المتضاربة في كثير من الأحيان تثير الصراع عبر المنطقة من الشرق الأوسط إلى شمال إفريقيا والقوقاز. وإذا خرج خصومهم عن السيطرة، فسيعاني المدنيّون جرّاء ذلك".
وأكّدت الصحيفة، بحسب المقال، أنّ "العلاقة بين بوتين واردوغان غريبة بشكل خاص. إذ دعما الجهات المتصارعة في ثلاثة صراعات إقليميّة - سوريا وليبيا والآن ناغورنو كاراباخ. ومع ذلك، يحتفظ الزعيمان بصداقة حذرة". وأرجعت السبب في أنّ "الرئيسَين يفهمان بعضهما البعض غريزيًّا، فكلاهما مناهض للولايات المتحدة الأميركية، ويسعى لتوسيع نفوذه في فراغ السلطة الناجم عن تقليص دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط". ونوّهت إلى أنّ "الزعيمين ليسا الوحيدين اللذين يتنافسان على النفوذ في المنطقة، فالأمير محمد بن سلمان - ولي العهد والزعيم الفعلي للسعودية - هو اللّاعب الرئيسي الثالث وهو أكثر ارتباطًا بواشنطن".
وذكرت أنّ "ثلاثتهم مستعدّون لاستخدام العنف في الداخل والخارج. فبوتين ضمّ شبه جزيرة القرم عام 2014 وتدخّل في سوريا عام 2015، وأَذن بمجموعة من العمليّات الاستخباراتيّة السوداء، بما في ذلك محاولة اغتيال خصمه السياسي أليكسي نافالني". وفسّرت أنّ "بن سلمان شنّ حربًا في اليمن وحاصر قطر، وتحمّل المسؤوليّة في قتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018، رغم نفيه تورّطه الشخصي. واردوغان أرسل قوات تركية إلى سوريا وليبيا ويخاطر بنزاع عسكري آخر في شرق البحر المتوسط مع اليونان، بينما يقدّم الدعم العسكري لأذربيجان، في صراعها مع أرمينيا. وداخليًّا يقبع معارضوه من السياسيّين والصحفيّين ونشطاء الحقوق المدنيّة في السجن".
كما شدّدت على أنّ "العلاقة السعوديّة الروسيّة تتّسم بنوع من التعقيد، فقد ساعد بوتين الأمير محمد، بعد مقتل خاشقجي، بأعلى مستوى في قمة مجموعة العشرين عام 2018. لكن الزعيمين اختلفا بشدّة حول أسعار النفط هذا العام"، لافتةً إلى أنّ "على العموم، إنّ القادة الثلاثة قادرون على إدارة صراعاتهم، إذ يتمتّع جميعهم أيضًا بتوازن دقيق بين التدخّل الأجنبي والاستقرار الداخلي، على الرغم من أنّ الحروب الصغيرة في الخارج يمكن أن يُنظر إليها في النهاية على أنّها إهدار للموارد، خاصّةً إذا بدأت تسير في الاتجاه الخطأ".