ليس أمراً عاديّاً أن يُقال أن القوات اللبنانية تحضّر "جيشاً" من آلاف المقاتلين لمواجهة حزب الله، خصوصاً في هذا التوقيت الحساس الذي يمرّ به لبنان، فالضغط على حزب الله أخذ منحىً إقتصادياً، فهل يمكن اعتبار هذا التسريب بمثابة مؤشّرات لوجود جهّات خارجيّة تسعى لإحداث توتّرات في البلد؟.
بداية، تؤكد أوساط مقرّبة من النائب نعمة طعمة، أنّ اللقاء بين رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات سمير جعجع الذي حصل منذ حوالي أسبوعين في منزله في النقّاش، يأتي في سياق اللقاءات الإجتماعية التي ينظّمها طعمة بسبب العلاقة التي تربطه بالطرفين، مشدّدة على أنّ اللقاء لم يشهد حديثاً بشأن السلاح والمسلحين على الإطلاق.
وتضيف الأوساط عبر "النشرة": "لم يحصل أيّ نقاش حول السلاح، بل تم الحديث في مسألتين بشكل أساسي، الأولى قانون الإنتخاب، وكان الخلاف كبيراً بين الفريقين، والثانية "قدسيّة" مصالحة الجبل وضرورة إبعادها عن أيّ خلافات سياسية".
وفي السياق لا يعتقد المحلّل السياسي فيصل عبد الساتر أن جعجع قد يذهب باتّجاه الخيار العسكري في الداخل، لأنه عبارة عن أوهام ليست بصالحه كحزب ولا بصالح لبنان كبلد، مشيرا في حديث لـ"النشرة" إلى أنّ جعجع نفسه لن يكون مقتنعاً بمثل هذه الأوهام.
ويضيف: "لا أريد أن أبرّئ القوّات تماماً، ولكن بتقديري هناك جهة ما تعمد لبثّ مثل هذه الأخبار لخلق مشكلات، ولتوجيه اتّهام إلى القوات اللبنانية بأنها تعمل على زعزعة الاستقرار الداخلي، وربّمايكون للتسريبات علاقة بالمواقف السّياسية لها مما يجري بلبنان والحكومة وما يسمى بالثورة، وربّما هناك من يحاول التشويش على المبادرات، وخلق مناخات غير مريحة بالداخل اللبناني.
يكشف عبد الساتر أن "القوات" أعدّت دورات تدريبية عسكريّة لشبابها، وذلك لإعلان الجهوزية والحضور، ولكن هذا لا يعني أنها يُمكن أن تأخذ خيار المواجهة بالداخل، لأنّ مثل هذا الأمر سيكون إنتحاراً لها، مشيراً إلى أنّ أحداً بالخارج ما عدا العدو الإسرائيلي يرغب بمواجهات عسكرية بالداخل اللبناني.
من جهتها ترفض مصادر قياديّة في القوات اللبنانية كل ما يُساق ضدّها في الأيام الماضية، مشيرة عبر "النشرة" الى أنّ خبر المسلّحين لا ينفصل عن كل الأخبار التي تُلصق بالقوات لتشويه صورتها، وبالتالي بالنسبة لنا فإن الكاذب واحد، والمحرض واحد، ونحتفظ بحقنا في مواجهته.
يشير عبد الساتر إلى أن أي فتنة داخلية ستنعكس سلباً على الجميع، وكل رابح في الفتن الداخلية هو خاسر على المستوى الوطني، مشدّدا على أنّحزب الله لديه قلق وهواجس أن تنبعث مثل هذه الإشارات لانها تصب في مصلحة الإسرائيلي وتساهم بتقسيم اللبنانيين وتعيد صورة الحرب اللبنانية.
وفي هذا السياق تضيف مصادر "القوات": "15 عاماً ونحن نحارب فعلا، ولكننا نحارب السلاح بالموقف والصرخة والانتخابات والأداء السياسي، ونحن نحارب السلاح لأنه لا يبني الوطن، وبالتالي نحن أصحاب مشروع سياسي حرّ، ولدينا طموح تحقيق المشروع من خلال نتائج الإنتخابات، لذلك ندعو لانتخابات مبكرة، ومن يرفضها يعلم أن خطرنا عليه ينبع من هنا وليس من أي مكان آخر"، داعية الى أن التأمل بالمشهد جيدا لاكتشاف من يستفيد من هذا الكذب ومن يعاني من أزمة على صعيد أدائه السياسي.
لا يرى عبد الساتر إعتراف رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط بأنه سبب أحداث 7 أيار 2008، "براءة ذمّة"، مشيرا الى أن ما قاله ليس الحقيقة الكاملة، فهو من أخذ الآخرين الى الخيار السيء لا العكس، واليوم يريد الإعتراف بطريقة معكوسة ليصفّي حسابات مع من يحمّلهم مسؤولية تجاهله، معتبرا ما قاله إشارة غير نظيفة ولو كان البعض يعتبرها إعترافاً ولكنه مسنون ومسموم، فهو من جهة يسنّ السكين باتجاه آخر، ويريد ان يسمّم الاجواء الحكوميّة الحاليّة، لافتاً الى أنه "ربما اعتاد جنبلاط على شرب الشاي بالياسمين".
أثار خبر تسلح القوات موجة ردود واسعة، فالبعض صدّق الأمر وبنى حوله تحليلات، والبعض الآخر وجده بعيدا عن المنطق، ولكن يبقى أصدق ما قيل أن "كل رابح في فتن داخلية خاسر".