نحتاج إلى أن نصرخ في وجه هذا الواقع الظالم، في وجه هؤلاء الفاسدين من الطبقة السياسية… ماذا فعلتم بالناس وأنتم ما زلتم تمارسون إذلالهم، الناس تُذلّ وهي تطلب المقوّمات الطبيعية للحياة، تذلّ في لقمة عيشها وطلب حاجاتها والغلاء يتفشّى وقيمة العملة الوطنية تسقط وأنتم تتحدثون وتتساجلون وتعيشون المهاترات السياسية، وأنتم تبحثون عن حساباتكم الفئوية والمذهبية، وأنتم بمنأى عن كلّ هذه الأوضاع المعيشية الصعبة، لأنكم أغنياء على حساب جوع الناس وعلى حساب أموالهم وحقوقهم.
ماذا تفعلون؟ الناس تتلوّع جوعاً وفقراً ومرضاً… وأنتم ليس لديكم إلا الوعود التي لا تسمن ولا تغني من جوع. تنشغلون في كلّ هذه الحسابات ولكنكم في الحقيقة عندما تسكتون وعندما تنصرفون إلى شؤونكم فأنتم تمارسون الجريمة الحقيقية بحقّ الناس، والناس لا بدّ لها أن ترفع الصوت وتواجه هؤلاء لأنّ الذي أسقط الناس في كلّ هذا الواقع المزري لا يمكن أن يكون هو المنقذ. هذه العقلية السياسية البالية، هؤلاء الذين استغلوا الناس من أجل مصالحهم لا يمكن أن يكونوا هم وسيلة لإنقاذ الناس.
تنشغلون بحساباتكم ولا تستطيعون أن تصلوا إلى التفاهمات الوطنية، تحسِنون الارتهان للخارج وأن تكونوا وكلاء محليّين للجهات الخارجية، وبدلاً من أن تستحضروا كلّ الإمكانيات وكلّ عوامل القوة لمواجهة الأزمة المعيشية التي تطال الناس تنتظرون الإملاءات الخارجية لتقوموا بدوركم كأن ليس لكم إلا أن تصوّبوا على المقاومة وعلى أهلها ونهجها، ولا تلتفتون إلى أنّ عزة وكرامة هذا الوطن هي نتيجة فعل المقاومة وحضورها وجهاد مجاهديها.
لا تستطيعون تشكيل حكومة وصياغة الحلول إلا على أساس إيحاءات الخارج، ولا تستطيعون أن تبادروا لأنّ الحسّ الوطني لديكم أصبح في أدنى مستوياته، هذا إذا كان لا يزال لديكم حسّ وطني! لأنّ مَن يقتل شعبه بكلّ هذه الوسائل ومَن لا يبادر لأن يكون في خدمة شعبه، هو متآمر على وطنه وقضايا أمته.
لذلك نحن ندعو للانطلاق بمقاومة مدنية لمواجهة هؤلاء الفاسدين، لأنّ من استطاع أن يكسر التوازنات الدولية في مواجهة القرارات التي أرادت أن تضفي الشرعية على الاحتلال وعلى واقع العدوان والجريمة من قبل العدو «الإسرائيلي»، لا يمكن لمن فعل وأنجز كلّ ذلك إلا أن يكون مقاوماً لحالة الفساد، وحامياً للناس ومدافعاً عنهم في مواجهة هذا الواقع المزري، الذي لم تعد الناس قادرة على تحمّله، وبات لا بدّ من حالة إنقاذية تجمع كلّ الناس من كلّ الأطياف والمكونات والمذاهب والطوائف في موقف واحد موحّد لمواجهة هذا الواقع الفاسد ولتحقيق نقلة نوعية جذرية باتجاه كلّ ما يحقق المصلحة الوطنية العليا، وهل هناك مصلحة وطنية عليا لا تكون في سبيل راحة الناس وتنمية المجتمع وتحقيق ازدهاره على قاعدة صلبة ومتينة تؤسّس للأجيال الطالعة مستقبلاً أفضل على كلّ المستويات؟