لم يتضح المشهد الحكومي حتى اللحظة، لا بشأن شخصية رئيس مجلس الوزراء ولا حول طبيعة التركيبة الحكومية المفترضة أن تنسجم مع المبادرة الفرنسية. علماً انّ كل فريق سياسي يفسّر تلك المبادرة على قياسه الحزبي أو الطائفي أو السياسي لخدمة مصالح سلطوية عنده. والمفارقة أن كل الأفرقاء يتمسكون بمبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ويختلفون في تفسير بنودها ووسائل تنفيذها.
بجميع الأحوال وبعكس كل ما يقال عن إتفاق سياسي حول ترشيح رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لتولي رئاسة مجلس الوزراء مجدداً. هناك مرشحون جدّيون آخرون.
وإذا كان بعض الإعلام يوحي بأن التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحدهما يرفضان تسمية الحريري في الإستشارات النيابية لتكليفه تأليف الحكومة، فإن مصادر مطّلعة قالت للنشرة: إن الثنائي الشيعي لم يعلنا عن قرارهما تسمية الحريري. وتضيف المصادر ان ما طلبه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بشأن وجوب التشاور معه، هو مطلب الثنائي الشيعي من الحريري للإتفاق على شكل الحكومة وأسماء الوزراء، وهو أمر لم يفعله لغاية مساء الأربعاء، قبل أن يقرر رئيس الجمهورية ميشال عون إرجاء موعد الإستشارات، في الوقت الذي كان فيه الحريري يتواصل مع رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط الذي سمّى للحريري وزراء حزبه خلال إطلالته التلفزيونية.
كل ذلك يؤكد أن مسؤولية تأجيل الإستشارات لا يتحملها باسيل وحده، بل تتوزع على رئيس تيار المستقبل وباقي القوى السياسية المعنية.
هل تتحدث المبادرة الفرنسية عن تكليف إجباري للحريري؟ من المؤكد أن الفرنسيين لا يمانعون عودته الى رئاسة الحكومة، وسط معلومات تفيد بأن باريس حاولت إزالة العوائق من أمامه، لكن الفرنسيين لن يعارضوا تكليف اللبنانيين شخصية أخرى. هنا تطلّ أسماء مطروحة، من أبرزها النائب فؤاد مخزومي الذي وصل الى ساحة النجمة بأصوات البيارتة، الناخبين السنّة تحديداً. بالتأكيد فإن رؤساء الحكومات السابقين الأربعة سيرفضون وصوله، لكن ليس بمقدورهم إجهاض ترشيحه او تسميته. فرئيس حزب الحوار الوطني يرتبط بعلاقات إيجابية مع دار الفتوى، ويتّخذ الوسطية السياسية عنواناً لنشاطه، رغم انحيازه الى الحراك الشعبي الذي يعتبر مخزومي أحد داعميه الأساسيين. لذلك فإن إسم رئيس حزب الحوار لا يستفز لا الطائفة السنية بإعتباره أحد نوابها الأركان، ولا يمكن لرؤساء الحكومات السابقين أن يعتبروه ملحقاً بأحد، ولا هو تابع لفريق سياسي معيّن. بقي مخزومي مستقلاً ووسطياً منذ دخوله الشأن العام. وهو ما يُقلق رؤساء الحكومات السابقين منه بإعتباره يتمتع بمزايا القيادة السياسية الوطنية.
يقول أحد السفراء الأوروبيين في بيروت خلال مجالسه إن دولا عدة تثق به، الذي لا يوجد اي فيتو لا عربي ولا دولي حول إسمه. لكن الأهم انه يجمع بين التكنوقراط والسياسة: إقتصادي ناجح ونائب فاعل. لذلك جاء طرح إسمه كمرشح جدي لتولي تأليف حكومة جديدة تكنوسياسية تحظى بدعم خارجي مفترض لتنفيذ عملية إصلاح مالي وإقتصادي.
إذا سمّى أحد التكتلات النيابية في استشارات بعبدا نهار الخميس المقبل مخزومي، فإنه سيكون منافساً قويّاً للحريري. ويُتوقع الا يعارض حزب القوات طرح اسمه، كما أنه يحظى بدعم نواب مستقلين. لكن هل يؤيده الثنائي الشيعي؟ لا توحي مواقف مخزومي بأي إستفزاز، علما أن علاقته مع رئيس مجلس النواب نبيه بري إيجابية منذ سنوات مضت. ليبقى موقف حزب الله منه غير واضح.
بجميع الاحوال بات إسم مخزومي مطروحاً بقوة، فيما هناك أسماء ورد ذكرها في المجالس السياسية لتولي مهمة تأليف الحكومة، مثلاً: جواد عدرا. لكن كل الأسماء التي يجري الحديث عنها لا تحيطها الجدية كما الحال مع نائب بيروت.