يبقى السيف مُسلطاً على رقبة رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو يُواجه سلسلة من الملفات، التي لا تُهدد فقط مصير رئاسته للحكومة، بل ربما حياته السياسية. فقد توافقت الغالبية العظمى داخل الكيان الإسرائيلي، مُطالبة باستقالة ورحيل نتنياهو، وانتخاب رئيس بديل للحكومة، أو التوجه إلى انتخابات عامة مُبكرة لـ"الكنيست"، تكون الرابعة خلال أقل من عامين، في ظاهرة غريبة مُنذ إنشاء الكيان الإسرائيلي قبل 72 عاماً.
فقد ارتفعت أعداد المُشاركين في التظاهرات ضد نتنياهو، المُستمرة مُنذ حوالى 4 أشهر، تُطالبه بالاستقالة من منصبه على خلفية قضايا الفساد، وفشله وحكومته في مُواجهة الأزمات المُتعاقبة مع انتشار فيروس "كورونا".
وبلغت المُشاركة في تظاهرة مساء أمس الأول (السبت) حوالى ربع مليون شخص نزلوا إلى الشوارع في أكثر من 100 نقطة، غير آبهين بتداعيات انتشار وباء "كورونا" الذي حصد 2202 شخصاً، وأجبر أكثر من 9 ملايين نسمة على البقاء في منازلهم مُنذ حوالى الشهر، فاستفاد نتنياهو من ذلك لتقليص أعداد المُتظاهرين في الشارع.
كانت أبرز التجمعات أمام سكن نتنياهو في القدس المُحتلة، حيث واجهت شرطة الاحتلال المُتظاهرين بإطلاق القنابل المُسيلة للدموع، ما أدى إلى حالات إغماء عدد منهم، واعتقال مُتظاهرين، وجهت إليهم الاتهامات، بقيادة الاحتجاجات.
جاء ارتفاع أعداد المُشاركين في التظاهرات، عشية بدء سريان الحملة الأولى من تخفيض الإغلاق ضمن إجراءات مُواجهة فيروس "كورونا"، والتي شملت أماكن مُحددة، والإبقاء على المراحل التعليمية لما وفق 6 سنوات، وأيضاً في الحانات العامة، وهو ما لقي شجباً من قبل أعداد كبيرة داخل المُجتمع الإسرائيلي ينتمون إلى قطاعات التعليم، وأصحاب المطاعم، والعمال والسائقين، ويتوزعون على مُختلف الانتماءات السياسية بما في داخل حزب "الليكود" الذي يترأسه نتنياهو بعدما كانت المُشاركة عند انطلاقة التظاهرات قبل 4 أشهر تقتصر على مناصري "اليسار" والمُتضررين من أصحاب المركبات.
يأتي ذلك بعد ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل الذي فاق المليون وسجل خسارة ملايين الدولارات خلال أقل من شهر واحد، فأنفقوا ما في جيوبهم. بينما يتساهل نتنياهو مع حلفائه من أحزاب "الحريديم" المُتدينين - الذين يدين لهم باستمراره برئاسة الحكومة - بمُمارسة حياتهم بشكل طبيعي، وهم غير مُقتنعين بوجود فيروس "كورونا".
إخفاقات نتنياهو انعكست انخفاضاً في شعبيته، الذي تُرجم في استطلاعات الرأي، كرد على فشله بمُواجهة أزمة "كورونا" وتحميله مسؤولية إجراء انتخابات "الكنيست" 3 مرات. فقد أظهرت الاستطلاعات أن ما نسبته 54% من الإسرائيليين يُريدون تنحي نتنياهو، من رئاسة الحكومة، والخروج من الحياة السياسية، مُقابل 36% يرغبون ببقائه، في حين أن 10% من الإسرائيليين لم يحددوا موقفهم من ذلك.
وتبين أن 28% من ناخبي حزب "الليكود" الذي يتزعمه نتنياهو، و57% من ناخبي تحالف أحزاب اليمين المُتطرف "يمينا" برئاسة نفتالي بينيت، يُريدون أن يتنحى نتنياهو ويخرج من الحياة السياسية، وبذلك تكون شعبيته في صفوف اليمين أيضاً، قد تدهورت إلى مرحلة غير مسبوقة.
واتضح أن تراجع شعبية نتنياهو شمل أيضاً حزب "الليكود" الذي يتزعمه، الذي كشفت الاستطلاعات عن تراجعه، بحصوله بين 26-28 مقعداً - إذا ما جرت الانتخابات الآن - ما يعني هبوط 10 مقاعد عما يتمثل به الحزب الآن في "الكنيست" الـ23، والبالغة 36 مقعداً، هذا علماً بأن استطلاعات سابقة جرت في أيار/مايو 2020، منحت "الليكود" 41 مقعداً.
كما سجل انهيار واضح في صفوف حزب "أزرق أبيض" برئاسة غابي غانتس، الذي يتوقع حصوله على 9 مقاعد.
فيما أعطت الاستطلاعات تقدماً لتحالف أحزاب اليمين "يمينا" برئاسة بينيت، فمنحته 21 مقعداً، بينما يحصل حزب "يش عتيد تيلم" برئاسة يائير لبيد على 17 مقعداً، "القائمة العربية المُشتركة" ستحصل على 14 مقعداً، "إسرائيل بيتنا" برئاسة أفيغدور ليبرمان على 9 مقاعد، حزب "شاس" للمُتدين الشرقيين سيحصل على 9 مقاعد، وحزب "يهدوت هتوراة" للمُتدين الأشكناز سيحصل على 7 مقاعد، وحزب "ميرتس" اليساري على 6 مقاعد.
وكانت الاستطلاعات التي جرت الأسبوع الماضي قد أظهرت تراجعاً في شعبية نتنياهو، ورداً على سؤال حول مدى الثقة بقدرته على مُواجهة انتشار فيروس "كورونا"، أبدى 55% منهم أنهم لا يعتمدون على نتنياهو في هذه الناحية. كما أظهر استطلاع إذاعي استياء الجمهور في الكيان الإسرائيلي من أداء نتنياهو في مُواجهة "كورونا"، ووصف أن 67% منهم أن أداءه "سيء" إلى "سيء جداً".