يقول سياسي متابع أن "القوات اللبنانية" الحاضرة في المشهد السياسي العام، والمشهد المسيحي، تتبع "التقية" في حركتها، وتعمد إلى استغلال الحراك دون أن تنخرط فيه أو تكون جزءا منه، حتى عندما تقوم عناصرها في أماكن محددة في الزمان والمكان، بأعمال عنيفة. وأن الهدف من هذه الحركة "الغاء" الآخرين على الساحة المسيحية ليستتب لها الوضع، كما كان شأنها بعد أيلول ١٩٨٦ عندما قضت على محاولة ايلي حبيقه قلب المعادلة في في ما اصطلج على تسميته بالمناطق الشرقية من خلال اختراق جبهة "السوديكو"، ولم يتح لرئيس القوّات وقتذاك سمير جعجع صد غزوة حبيقه لولا المساعدة المباشرة والحاسمة من قائد الجيش يومذاك العماد ميشال عون بأمر من رئيس الجمهورية أمين الجميل. فقد كان للاخيرين الدور الرئيس في تمكين جعجع من البقاء قابضا على زمام الوضع في هذه المناطق. واليوم يعتبر الأخير أن فرصته في إزاحة الآخرين سياسيا مؤاتية: التيار الوطني الحر يعاني من حالة ارباك وضعف، ويتعرّض لحملة شيطنة شديدة الوطأة والإيذاء عليه، وسط قصور سياسي إعلامي فاضح من قبله للرد على هذه الحملة.
الضعف الكبير الذي يعاني منه حزب الكتائب بعد الهجرة الكثيفة للمجموعات التي كانت مرتبطة بقياداته التاريخية، وبات أقرب إلى تجمّع متني شمالي منه إلى حزب تميّز عبر تاريخه بانتشاره، وهل من قبيل المصادفة على سبيل المثال أن يكون رئيس الكتائب وامينه العام من بكفيا، ونائب الرئيس من القضاء عينه؟.
تبعثر قوى "الثورة" وعدم الخوف من كوادرها المسيحية، وهم في نظر القوّات من الهواة، القابلين للتطويع.
عدم إعارة أي اهتمام للقوى المسيحيّة المناطقيّة منها والسّياسية، وهي تنقسم إلى نوعين: اما تمتلك المال وتفتقر إلى القدرة والمنطق، أو تمتلك الحيثيّة وتفتقر إلى المال، وفي الحالتين لا يمكن أن تستمر إلا في كنف زعامات أو أحزاب غير مسيحيّة. مع حالة مختلفة محدودة يشكّلها "تيار المردة".
انطلاقا من ذلك تعتقد القوّات أنها في طور الانتقال السريع من "حزب القوّات الاول" إلى "حزب القوّات الاوحد" على غرار ما حصل أيّام بشير الجميل والذي طرح نفسه فيما بعد مرشحا وحيدا بلا منازع إلى رئاسة الجمهورية.
ويقول السياسي المتابع أن جعجع يعرف تماما أن هناك حلفا رباعيا سنيا‐شيعيا‐درزيا نشأ، وقد تكون تطورات الأحداث قد قادت إليه تلقائيا، أو عن سابق تصور وتصميم، لكنه لا يريد الاعتراف بهذا الواقع، لأن التسليم به يبرّئ إلى حد معين ساحة الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر، وبطبيعة الحال جبران باسيل، وهو يريد في هذه المرحلة رغم العراضة شبه العسكريّة في الاشرفيه، وتحذير رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي وليد جنبلاط المبطّن له بمحاذرة اللجوء إلى العنف، الايحاء بانه يتحرك من خلال أفق وطني أوسع خارج التأطير الطائفي. وهو بعث برسالة عبر تصريحين لنائبين من تكتل "الجمهورية القوية" جورج عقيص ووهبه قاطيشه ينفيان فيها وجود تحالف رباعي، وهو اختار عقيص من منطقة متنوعة طائفيا ومذهبيا، وقاطيشه من منطقة سنية‐مسيحية .
لكن نظرية سمير الاوحد، المرشح الوحيد الذي لا ينازعه أحد: هل هي قابلة للتطبيق، كيف؟ بالسياسة، برهان خارجي، بقوّة حليف من خارج الحدود، أو بانقلاب يدمج فيه بين السياسة والقوّة.