لا تشبه انتخابات 2020 الأميركية أي انتخابات جرت في السابق، لا في الشكل ولا في مضمون النقاشات التي تحوّلت الى جلسات انتقاد بين المرشحين، حيث لا جامع بينهما سوى كيفية مواجهة وباء كورونا والبحث عن مخرج للأزمة الإقتصادية. وعلمت "النشرة" من مصادر أميركية موثوقة ان عملية التصويت الكثيفة التي تشهدها الولايات الأميركية واقبال المواطنين على اختيار رئيسهم المقبل، ليست سوى مسرحية وطنيّة يجهل المواطنون الأميركيون أنهم ابطالها، وقد تنتهي عند بداية احتساب الأصوات، إذ ان الفريقين الجمهوري المتمثل بالرئيس الأميركي دونالد ترامب والديمقراطي المتمثل بالمرشح جو بايدن، ليسابراضيين فعلياً على عملية التصويت، بالتالي لن يرضيا على نتائجها، وسوف يذهب الخاسر منهما الى الطعن بها دون أدنى شك.
وفيما الأميركيون يتجهون إلى تسجيل الناخبين والتصويت عبر الإنترنت كطريقة آمنة أثناء جائحة فيروس كورونا الذي أصاب هذا العام أكثر من 8 ملايين أميركي وقتل ما يزيد عن 219,000 شخص في الولايات المتحدة، ترفع مجموعات "حقوق التصويت" دعوى في ولايتي فلوريدا وفيرجينيا بعد انتهاء المهلة الزمنية، محذرة من أن انقطاع التيّار أدى إلى حرمان الأشخاص الذين حاولوا التسجيل ولكن لم يتمكّنوا من الاقتراع. ووصف الحزب الديمقراطي في فلوريدا عطل موقع الويب بأنه "قمع صارخ للناخبين"، وقال الاتحاد الأميركي للحرّيات المدنيّة في فلوريدا إن نظام الإنترنت للولاية "لديه تاريخ مشكوك فيه بالانهيار قبل المواعيد النهائية الرئيسية.
كما وحذرت جانيت سينيكال كبيرة مدراء "رابطة الناخبات" منأنّ الولايات الأخرى يجب أن تأخذ انقطاع الخدمة على محمل الجد، فنبهت من مشاكل مع نظام الدولة لدعم أداة البحث عن أماكن الاقتراع أو البحث عن بطاقة الاقتراع أو نظام التحقق من الناخبين، بما ان كل هذه الأنظمة ترتبط ببعضها.
اما عن أوضاع المرشحين الصحّية، فهنا تُرسم علامات استفهام كبرى. فحسب الإستطلاعات، يقول معظم الأميركيين انهم ليسوا بواثقين من إصابة ترامب بكوفيد 19... كما ويحكى الكثير عن مرض يلازم المرشّح جو بايدن في رأسه، وتشير التقارير عن إصابته بنوع من أل زهايمر وأخرون يتحدثون عن مشكلة كبيرة في الأذن... فهنا معضلة من نوع آخر حول مصير الإنتخابات والرئيس المقبل، لا يفهمها الا مهندسو البيت الأبيض.
ويصف الإعلاميون المتابعون للإنتخابات انهم لم يشاهدوا معركة انتخابيّة رئاسيّة بهذا الشكل في حياتهم. فمنصّات التواصل الإجتماعي تحوّلت الى أدوات سياسية في هذه المعركة الإنتخابية. انها معركة إعلامية بامتياز، فلكل مرشّح أذرعه الخاصة التي تبث البرامج وتعلن عن تقدّم مرشحه على آخر. ويبدو ان بايدن سبّاقا حتى اليوم، لكن "حساب الحقل لا ينطبق على حساب البيدر"، ففي الدورة الماضية، نام الأميركيون على خبر فوز هيلاري ليستفيقوا على دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة.
وأكد المصدر الأميركي لـ"النشرة" ان عملية انتخاب رئيس الولايات المتحدة 2020 سوف تبدأ فعلياً في 3 ترين الثاني المقبل، حيث سيرفض الحزبان الجمهوري والديمقراطي نتيجة اقتراع الشعب الأميركي "الإلكتروني"، لتبدأ المعركة الإنتخابية الحقيقيّة بين الكونغرس والمحكمة الدستورية العليا، ولن تنتهي قبل فوز الرئيس ترامب بتمديد رئاسته سنة واحدة على الأقل، بانتظار هدوء عاصفة كورونا وعودة الحياة الى طبيعتها.
لا بد من الإشارة الى ان روح الإنتخابات غائبة كلياً، حتى كتابة هذه السطور، في ولاية مثل ولاية نيويورك ولا شيء يوحي ان اميركا في مخاض اختيار رئيس جديد، أمر يحمل على التعجّب والإستغراب في ولاية تحمل سيف المرشّح الديمقراطي في أعنف معركة دستوريّة تقام كل أربع سنوات، فالنتيجة على مسافة أسبوعين ولا صوت يُسمع في شوارع مدينة مدن الولايات المتحدة.
كيف تنظر الدول الى هذه الإنتخابات؟ العالم كله ينتظر من هو الرئيس المقبل!. أكثر من 200 حكومة ومجموعة ضغط تضخّ المال وتستفيد من إدارته، تنتظر بقاءه في السلطة، على عكس الدول الإفريقية التي تأمل رحيله، لأنّه لم يزر اية دولة فيها ولم يُعرها اهتماماً على عكس الرؤساء السابقين، اما الدول الراعية لجماعة الإخوان المسلمين، فهي حتماً تدعو مواطنيها العرب من أصل أميركي للتصويت لبايدن، كي يتخلصوا من الذي أغلق أبواب الهجرة في وجه جماعاتهم منذ أول يوم من حكمه.
اليوم، وعلى مشارف فجر انتخاب رئيس الولايات المتحدة، وحدها الدولة "الجارة" تعرف بخبايا جارتها، فقد أعلن رئيس وزراء كندا، جاستن ترودو، ان حكومته تخشى حدوث الإضطرابات في الولايات المتحدة في حال تحقيق نتيجة متقاربة بين المرشحين، مؤكداً ان بلاده مستعدة لجميع أنواع السيناريوهات المحتملة.
غريبة هذه الإنتخابات. منافسة شرسة بين المرشحين حول قضايا لم تكن تتوقعها اميركا يوماً. فالفائز اليوم هي "كورونا" التي تحكم الولايات المتحدة منذ بداية 2020 وحتى إشعار آخر، بغض النظر عمّن هو الرئيس المقبل الذي سوف ينتقل الى مواجهتها في معركة أخرى مع بداية عام 2021!.