أكّد سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة، في حديث لـ"النشرة" أنّ "هناك تبدّلًا في التعاطي الأميركي مع لبنان، فمع الإعلان عن المبادرة الفرنسيّة كانت الولايات المتحدة مساندة لها رغم بعض الاعتراضات المتعلقة بالعلاقة الفرنسيّة مع حزب الله، وهي كما فرنسا مهتمّة بعدم وصول لبنان إلى الإنهيار الكامل مما يؤدي بشكل محسوم إلى الفوضى".
ولفت طبارة إلى أن "الجانب الأميركي يخشى دخول لبنان في دوّامة الفوضى التي دفعت أميركا ثمنها غاليًا في الحرب اللبنانية مع إستهداف مبنى المارينز في بيروت في العام 1983، كما أن الإندفاعة الأميركية في مسألة التطبيع العربي مع إسرائيل قد تتعرض للفرملة إذا ما تم خلط الأوراق في لبنان وتدهور الوضع مع إسرائيل"، مشيرًا إلى أنّ "الحسابات الفرنسيّة مختلفة وإن التقت مع أميركا في النتيجة، فالفرنسيّون يتخوّفون من الفوضى التي قد تؤدّي إلى تسرّب النازحين من لبنان إلى أوروبا".
وأوضح طبارة أن "الأميركيين دخلوا على الخطّ اللبناني بشكل مباشر بعدما كانوا يتمترسون خلف المبادرة الفرنسيّة، ويبدو واضحًا أنّ السياسية الأميركيّة تهدف إلى وقف الإنهيار في لبنان بأي شكل من الأشكال من خلال الوصول إلى حكومة جديدة للتوصل إلى اتّفاق مع صندوق النقد الدولي ووضع البلد على سكّة الإنقاذ"، معتبرًا أن "إتّصال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو برئيس الجمهورية ميشال عون مؤشّر كبير على هذا التبدّل في التعاطي، وكان لهذا الإتصال مفعوله في تسهيل التكليف".
وردًا على سؤال حول العقوبات الأميركيّة الأخيرة على شخصيّات في حزب الله وتزامنها مع الحراك الحكومي، اعتبر طبارة أن "هذه العقوبات ورغم أنها تدرس بشكل كبير قبل إعلانها، ولكنّها تأتي في سياق الدفع باتجاه عدم عرقلة التأليف، فليس خافيًا على أحد أن هناك أفرقاء في لبنان رفضوا الطريقة التي تمّ بها التكليف"، مذكّرًا بأنّ "العقوبات السابقة التي فرضت على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس سرّعت في التوصل إلى إتفاق الإطار حول ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل بعد أن كانت معطّلة لمدة طويلة، وهي تأتي في سياق التحذير من جهة، وللتأكيد على جدّية وحزم الأميركيين من جهة أخرى".
ولفت طبارة إلى أن "أداء حزب الله غير الحاد في التعاطي مع ملفيّ الحكومة وترسيم الحدود والتنازلات التي قدّمها، تؤشر إلى تسوية ما تم التوصل إليها بين أميركا وإيران، كما أنّ اللقاءات التي قام بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم في واشنطن توصل إلى نفس القراءة، مع التأكيد أن موازين القوى تصبّ لمصلحة أميركا".
وفي الختام، شدّد طبارة على أن "ممارسة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لأقسى أنواع الضغوطات والعقوبات غير المسبوقة على إيران، كانت تهدف إلى جرّ الجانب الإيراني الى طاولة المفاوضات قبل الانتخابات الرئاسيّة ليستثمرها ترامب في سباقه الإنتخابي، ولكن طهران تفضّل انتظار نتائج الانتخابات وتعوّل على فوز المرشّح جو بايدن الذي سيثبّت الاتفاق النووي من دون اتّباع السياسة الفجّة التي يعتمدها ترامب".