لم يكن سهلاً على رئيس الجمهورية ميشال عون الموافقة على اجراء الاستشارات النيابية لتكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة ، بعد تجاهله المتعمد لرئيس التيار الحر جبران باسيل في مرحلة ما قبل التكليف، لا سيما انه رئيس اكبر كتلة مسيحية في البرلمان.
على ان تجاوز عون الحريري في العرف اللبناني لم يكن مجانا ... هنا تتحدث مصادر قيادية في ٨ آذار عن «ضمانات مسبقة اعطيت للرئيس مقابل تسهيل مهمة تكليف الحريري وعدم تاجيل الاستشارات مرة اخرى».
على ان تجاوز عون لخطيئة الحريري الميثاقية في العرف اللبناني لم يكن مجانا ... هنا تتحدث مصادر قيادية في ٨ آذار عن «ضمانات مسبقة اعطيت للرئيس مقابل تسهيل مهمة تكليف الحريري وعدم تاجيل الاستشارات مرة اخرى».
في التفاصيل، فان الحريري وفي مرحلة استشارات ما قبل التكليف ، كان قد اعلن بنفسه عن اعطاء وزارة المالية للثنائي الشيعي وعن ضمان حصة جنبلاط في الحكومة، في موازاة اتفاق شبيه غير معلن مع الثنائي يقضي بأن يسمي الاخير كل وزرائه في الحكومة.
على ان هذا الاتفاق لم يكن يتيما، ثمة اتفاق اخر ابرمه الحريري مع الوسطاء في الاسبوع الفاصل بين التاجيل الاول ويوم التكليف قوامه سريان الاتفاقية التي تمت مع الثنائي وجنبلاط على عون والتيار الحر، اي ان الحريري التزم امام الوسطاء وتحت ضغط مباشر من الفرنسيين بترك خيار تسمية الوزراء المسيحيين في الحكومة للرئيس عون وباسيل.
في الموازاة، تواصلت فرنسا مع عون مباشرة وعبر اكثر من جهة داخلية لاقناعه باجراء الاستشارات في موعدها رغم صعوبة الموقف عليه، مبدية تفهما كاملا لموقفه بالتاجيل اول مرة، مع تقديم ما يشبه الوعد والالتزام بانه سوف يعوض عليه خلال مرحلة التاليف وفي التشكيلة الحكومية.
هنا، تجزم المصادر القيادية ان تكليف الحريري لم يكن ليمر لو لم يتم الاتفاق مسبقا على هذا التفصيل الاساسي في تشكيل الحكومة، مؤكدة، ان باقي التفاصيل المتعلقة بالوزارات ومسالة المداورة سوف يتم حلها بالتراضي، لا سيما وان فريق عون والتيار الحر كان من ابرز المطالبين بالمداورة ولا مانع على سبيل المثال ان تكون الداخلية هذه المرة من حصته وهكذا دواليك.
اما بالنسبة لشكل الحكومة، فقد جزمت المصادر المطلعة عن قرب على تفاصيل التاليف بان هذه الحكومة سوف تكون شبيهة بحكومة الرئيس حسان دياب من حيث العدد وحتى الشكل اي «حكومة اخصائيين»، ولكن الفارق هنا انها ستكون مدعومة من القوى السياسية في البرلمان، في حين استبعدت المصادر دون ان تنفي تماما امكانية اعادة توزير اية شخصية من الحكومة السابقة.
والمفاجأة هنا كانت حديث القيادي بكل ثقة عن ان حكومة الحريري سوف تنال ثقة معظم الكتل النيابية حتى تلك التي لم تسميه في الاستشارات ، في اشارة واضحة الى كتلتي التيار الحر وحزب الله.
ثابتة اخرى شدد عليها القيادي عبر تاكيده بان الحكومة شبه منجزة وقد تبصر النور اقرب مما يتصور البعض وهو كلام يتطابق مع ما كان اعلن عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري من قصر بعبدا، هنا يستند القيادي الى مداولات ما قبل ترشيح الحريري نفسه وتكليفه، والتي تفيد بان الفرنسيين تركوا امر حلحلة المسالة الحكومية داخليا الى الرئيس نبيه بري الذي وللمناسبة سوف يكون راعي الصلح بين الحريري وباسيل ومن المنتظر ان تظهر نتيجة المفاوضات في الايام القليلة المقبلة.
لكن، وباعتراف المصادر ، فان هذا الجو الايجابي يسري على كل القوى باستثناء التيار الحر ، وهنا حسب تعبيرها تقع «المشكلة»، اذ ليس سهلا على الاطلاق تجاوز التيار لما حصل في التكليف لا سيما وان المكلف هو سعد الحريري.
ولكن استدركت المصادر كلامها هذا، بالتاكيد على نقطتين:
اولا: نجاح المساعي التي يقودها الرئيس بري والفرنسيين لتقريب وجهات النظر بين باسيل والحريري، مثلما نجحت المساعي مسبقا لعدم تاجيل الاستشارات مرة ثانية، وتامين ميثاقية مسيحية ونيابية كافية لاعادة تكليف الحريري.
ثانيا: عدم وجود مصلحة للحريري او للجهات الدولية والعربية التي اعادته الى الحكومة بالعرقلة، مع اعادة التاكيد على ان تساهل عون بالتكليف من خلال اجراء الاستشارات «لا يمكن ان يمر في التاليف».