رأى السفير السابق في واشنطن رياض طبارة، أن ربط المتغيرات السياسية في لبنان بنتائج الانتخابات الأميركية، اشبه بمن يحاول التقاط حبال الهواء لإنقاذ نفسه من الغرق، مشيرا الى انها ليست المرة الاولى التي ينتظر فيها اللبنانيون متغيرات خارجية لتغيير واقعهم، وقد اعتادوا الاتكال على سواعد المبعوثين الخارجيين لإنهاء الازمات والصراعات فيما بينهم، بدلا من اتكالهم على انفسهم لاجتراح الحلول، فمن فيليب حبيب الى الاخضر الابراهيمي وستيفان دي ميستورا ووليم بيرنز وتيري رود لارسن وغيرهم كثر من مبعوثي الامم المتحدة والجامعة العربية، كلها محطات دخلت التاريخ، لكنها في النهاية، لم تفض الى قطاف ثمين.
ولفت طبارة في تصريح لـ"الأنباء" الكويتية الى أنه "سواء وصل الجمهوري ام الديمقراطي الى السدة الرئاسية في الولايات المتحدة، فإن الغاية الاميركية واحدة لا تتبدل، لكن لكل من الحزبين استراتيجيته الخاصة في التعامل مع منطقة الشرق الاوسط، لاسيما مع ايران، الاكثر نشاطا في المنطقة"، مشيرا على سبيل المثال الى ان "الحزب الديمقراطي تعامل مع طهران بسياسة العصا والجزرة، بحيث ابرم معها الاتفاق النووي، ومن ثم اجلسها على طاولة المفاوضات، فيما الحزب الجمهوري تعامل معها بسياسة الترويع، بحيث جمد مفاعيل الاتفاق، وفرض عليها عقوبات اقتصادية ومالية موجعة، تمهيدا لاجلاسها على طاولة المفاوضات، انما بشروطه، فما بين هذه الوسيلة وتلك، يبقى هدف الحزبين واحدا ووحيدا، الا وهو تطويع ايران واخراجها من الساحة العربية".
وعليه، اكد طبارة، انه ايا تكن نتائج الانتخابات الاميركية، فان قرار الحزبين الجمهوري والديمقراطي بشأن لبنان ثابت لجهة منعه من الانهيار، وذلك لاعتبارهما ان انهيار لبنان وانزلاقه، سواء الى حرب مع اسرائيل ام الى حرب اهلية، سيؤدي حكما الى نسف، او اقله تجميد التطبيع بين اسرائيل وبعض الدول العربية، اضافة الى مخاوفهما من ركوب اللاجئين السوريين موج البحر اللبناني باتجاه اوروبا واميركا، الامر الذي ان فسر شيئا، فهو اسباب الحماسة الفرنسية والاوروبية لمساعدة لبنان، وأسباب ممارسة الولايات المتحدة الضغط على الدولتين اللبنانية والاسرائيلية لترسيم الحدود البحرية بينهما، لما في ذلك من اهمية كبرى، من وجهة نظر الاستراتيجية الاميركية، في ترسيخ الاستقرار الامني في لبنان.
وردا على سؤال، حول احتمال تطبيع العلاقات بين لبنان واسرائيل بعد ترسيم الحدود البحرية بينهما، أكد طبارة ان لبنان آخر دولة عربية تبرم اتفاق سلام مع اسرائيل، وذلك لان الخلافات الداخلية في لبنان مرتبطة سياسيا وعضويا بحسابات اقليمية، إضافة الى تسلل العمل الارهابي الداعشي الى الساحة اللبنانية، ما يعني من وجهة نظر طبارة أن الولايات المتحدة لن تدفع لبنان الى تطبيع مع اسرائيل، حرصا منها على اجتثاث مبررات ومسببات الفوضى فيه، مؤكدا ان الولايات المتحدة ستكتفي حاليا بترسيم الحدود مع اسرائيل، إنما بشكل منصف وعادل لصالح الجهتين، الأمر الذي سينعكس إيجابا على اقتصاد لبنان، ونعني بذلك تسهيل تلزيم استخراج الغاز من مياهه الاقليمية.