منذ حوالي تسعة أشهر وردت معلومات الى النائب زياد أسود عن عمليات تهريب تحصل عبر مرفأ بيروت. وبعد الإستفسار، تبين من المعلومات أن التهريب يحصل بسبب تلاعب ما ببرنامج star المعروف بـ"نجم" وهو الـsoftware الذي يصنّف الحاويات التي يجب أن تسلك الخط الأحمر المخصص للتفتيش والحاويات الأخرى التي يجب أن تسلك الخط الأخضر الذي لا يخضع للتفتيش. وهنا تشير المعلومات الى أن هذا البرنامج يختار عشوائياً الحاويات التي تُفتّش. عندها تقدم أسود بإخبار لدى النيابة العامة الإستئنافية في جبل لبنان طالباً التحقيق في القضية وذلك بعد الحصول على كلمات السر التي تسمح بالدخول الى البرنامج المذكور. المدّعي العام في جبل لبنان القاضية غادة عون حوّلت الملف الى المحامي العام القاضي فادي ملكون، الذي كلّف بدوره مجموعة من الخبراء في العالم الإلكتروني للكشف على نظام "نجم" ومنذ أيام قليلة توجه فريق الخبراء الى المرفأ لتنفيذ المهمّة الموكلة اليهم من القضاء، غير ان المفاجأة كانت بأن المجلس الأعلى للجمارك منعهم من القيام بمهامهم. وبحسب المعلومات، تبيّن أن رئيس المجلس الأعلى العميد أسعد الطفيلي أرسل كتاباً الى المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، يشرح فيه له أسباب رفضه معتبراً أن الإختصاص المكاني لا يسمح للقاضية عون بتكليف فريق من الخبراء للكشف على المركز الآلي الجمركي وأنظمته المعلوماتية، أي برنامج "نجم" لأن المرفأ يقع في بيروت ونطاق عمل النيابة العامة الإستئنافية التي ترأسها عون هو جبل لبنان، وهذا ما تنصّ عليه المادة 9 من قانون أصول المحاكمات الجزائية. الطفيلي رأى أيضاً في كتابه أنّ النيابة العامة الإستئنافية في جبل لبنان لم تحدد ماهية الجرم المطلوب الإستقصاء عنه بل كلفت الخبراء بشكل عام الإستقصاء عن القيود والأنظمة المعلوماتية، وهو ما يتعارض بحسب رئيس المجلس الأعلى مع صلاحية الأجهزة الرقابية التي يأتي التفتيش المركزي على رأسها وما يشكل تعارضاً مع مبدأ فصل السلطات. كذلك وبحسب كتاب المجلس الأعلى يتعارض تكليف القاضية عون لفريق الخبراء مع صلاحيات ديوان المحاسبة المسؤول عن الرقابة المالية للجمارك.
قد تكون الحجج القانونية التي أعطاها رئيس المجلس الأعلى لعدم السماح للخبراء بإجراء الكشف عن برنامج "نجم" في محلها، ولكن في بلد أكله الفساد ونخر عظام مؤسساته حتى الموت، هل يجوز ان ترفض إدارة عامة مهمة الكشف على أنظمتها الإلكترونية خصوصاً وأن الجميع في لبنان على قناعة بأنّ التهريب في المرفأ موجود وعلى عينك يا قضاء؟.
النائب أسود يقول لـ"النشرة" إن "ما حصل ليس إلا مواربة مارسها رئيس المجلس الأعلى للجمارك بهدف الهروب من الكشف القضائي على برنامج "نجم" وهذا ما يعزز قناعتنا أكثر فأكثر بأن المجلس المذكور يريد تغطية هذا التهريب القائم في المرفأ ويساهم عمداً بهدر المليارات من المال العام".
وإذا كانت الصلاحية المكانية لا تسمح للنيابة العامة الإستئنافية في جبل لبنان بالتدخل في ملف كهذا كون المرفأ يقع في بيروت، يبقى السؤال، هل سيحوّل القاضي عويدات الملفّ الى النيابة العامة الإستئنافية في بيروت طالباً منها التحقيق بإخبار النائب زياد أسود؟.