أشارت النائبة بهية الحريري إلى أن "لبنان كان يواجه تحدّيات إقتصادية إجتماعية قاسية غير قابلة للإنتظار أو التأجيل، وكان لا بدّ من الشّروع بوضع خارطة طريق قاسية وحقيقية لتجاوز المشاكل المتراكمة والمتداخلة، ثم جاءت جائحة كورونا لتفاقم التحديات الاجتماعية والاقتصادية والصحية والتربوية، وفرضت تحولاً مجتمعياً غير مسبوقاً على مستوى لبنان والعالم"، منوهةً بأن "التعليم كان بكلّ مراحله وفروعه الضحية الأولى، مما أدّى الى اعتبار العام الدراسي 2019/2020 بأكمله، عاما غير انتظامي وبدون مردود تربوي، ودخلنا إلى الإجازة الصيفية فكانت مأساة 4 آب بانفجار مرفأ بيروت".
وخلال افتتاح مؤتمر "التعليم عن بعد والتعليم المدمج – صعوبات واقتراحات حلول" بكلية الآداب في صيدا، لفتت الحريري إلى أنه "خلال العام الدراسي الماضي كان انشغالنا الأساسي بتحديد المخاطر الأساسية من جراء جائحة كورونا على التعليم وكانت النتائج الأولية: زيادة اللامساواة الاجتماعية، زيادة العنف الأسري على الأطفال، إنتشار التطرف العنيف بين الشباب، زيادة ظاهرة التسرب المدرسي، ضعف الإنتاجية العامة والضغط على العاملين في القطاع الصحي والأمني وغيرهم من القطاعات العاملة حالياً في مواجهة الوباء، ضعف تغذية الأطفال، ارتفاع نسبة البطالة، إنخفاض مستوى وجودة المهارات لدى سوق العمل المستقبلي، بطء التعافي بعد الأزمة".
كما أكدت أنه "وفقاً للأمم المتحدة هناك قرابة 106 مليار تلميذ في أكثر من 190 دولة في العالم، متأثرين بإغلاق المدارس، ويجابهون مصاعب التعلّم عن بُعد في ظل جائحة كورونا. وبالتالي تأثّر ما يقارب 94% من طلاب العالم من إقفال المؤسسات التربوية، ووفقاً لليونسكو، انقطع حوالي 86 مليون متعلم عن الدراسة في الدول العربية". وأفادت بأنه "على المستوى اللبناني، هناك ما يقارب مليون و70 ألف طالب في 2,887 مدرسة في لبنان مهدد عامهم الدراسي بسبب جائحة كورونا في التعليم الأساسي والثانوي، وتقدّر وزارة التربية والتعليم نزوح خمسة واربعين الفا وخمسماية وستين طالباً من المدارس الخاصة الى الرسمية".
وأفادت الحريري بأنه "بناء على التحديات والمخاطر، برز أهمية التشبيك على المستوى المحلي والوطني لإرساء مبدأ ديمقراطية التعليم والعدالة التربوية..واستناداً على تجربة الشبكة المدرسية لصيدا والجوار، شرعنا في تأسيس الشبكات المحلية للمدارس الخاصة والرسمية في منطقة صور والزهراني، ويتمّ العمل على إطلاق الشبكات في بيروت والشمال والبقاع.. ونتطلع الى تعميم التجربة على كافة المناطق اللبنانية من خلال ايجاد خطة عمل كاملة لكيفية فتح المدارس وتحضير البنى التحتية اللازمة للتعليم المدمج".
وشددت أيضاً على أن محاولة تعميم التجربة تتم من خلال "حماية المدارس الخاصة والرسمية من الإنهيار في ظل الأزمة الإقتصادية الحادة، وتعديل المناهج وتطوير النظم التعليمية لتتواءم مع التغيرات الجذرية التي طرأت على واقعنا الحالي والمستقبلي، بالإضافة إلى التفكير استراتيجيا بنوعية التعليم وكيفية تطويرها لتواكب تطلعات الأجيال القادمة". وأضافت، "عملنا مع الزملاء في لجنة التربية على إطلاق الشبكة البرلمانية الوطنية للتعليم لتضم كافة النواب المهتمين على اعتبار التعليم قضية وطنية جامعة تتقاطع مع معظم اللجان النيابية والوزارات والمكونات الاقتصادية الاجتماعية اللبنانية، لمواكبة العملية التربوية بالتشريعات التحديثية الضرورية، واعتبار جودة التّعليم هدف وطني جامع".
وفي سياق متصل، لفتت الحرير إلى أنه "شرعنا وبالتعاون مع الجامعة اللبنانية، الى مشروع القانون الوارد بالمرسوم 8,538 بتاريخ 8/7/2012، الرامي الى إنشاء الهيئة اللبنانية لضمان جودة التّعليم العالي، ونتابع مع الجامعة اللبنانية والجامعات العريقة الخاصة تعميق البحث في الإقتراحات لتأمين التشريعات والتعديلات الضرورية لتلبية متطلبات عملية جودة واستقرار التعاليم العالي.. حاضراً ومستقبلاً".
وأوضجت أن "كلّ ما تقدّم لم تكن الغاية منه ادعاء القيام بالواجب المطلوب، إنّما كان احتراماً للدعوة الكريمة والمميزة من كلية الآداب في الجامعة اللبنانية الفرع الخامس إدارة ومحاضرين، على المجهود الذي بذلوه بالتعاون مع عمادة كلية الآداب ورئاسة الجامعة اللبنانية من عمل جاد يتسم بالمسؤولية والأكاديمية المميزة، لتأمين أفضل السبل المتاحة والإمكانيات المتواضعة من أجل عودة الانتظام لعملية التعليم.. مع الحرص على معايير الجودة والمهنية في هذه الظروف القاهرة والاستثنائية على مستوى لبنان والبشرية جمعاء"، متمنية لهذا المؤتمر التربوي الوطني "النجاح وتحقيق الاهداف الوطنية النبيلة في أقدس المهام الانسانية الوطنية وهي قضية التعليم في لبنان التي كانت ولا تزال ثروة لبنان".