أكّد رئيس الكنيسة الإنجيلية في حلب القس ابراهيم نصير، في حديث لـ"النشرة"، أنه "لا يوجد أي دين سماوي يدعو للإساءة للأديان الأخرى، فنحن ننتمي لحضارة تقول لا تحتقر إلهًا يعبده غيرك"، لافتًا إلى أنه "فيما يتعلق بالصراع التركي-الفرنسي أرى أن كل فريق يحاول توظيف الدين لتحقيق مكاسب سياسية"، معتبرًا أن "كثيرين يلعنون الظلام ولكن قلّة من يتقنون إضاءة شمعة، وبرأيي هناك محاولة للإساءة للأديان السماوية خدمة لمصالح الكيان الصهيوني".
وأوضح نصير أن "أي صراع في المنطقة يمكن تأجيجه كي تبقى إسرائيل أكثر نضجًا أمام المنظومة الدوليّة، وبالتالي الصراعات والمواقف التي نسمعها من البعض ليست دفاعًا عن الأديان والأنبياء بل تصبّ في سبيل تحقيق مكاسب سياسية لم تعد خافية علينا".
وعن مشاركة مقاتلين من "المعارضة السورية" في القتال إلى جانب أذربيجان في إقليم ناغورنو كاراباخ، رفض نصير إطلاق تسمية معارضة على هؤلاء المقاتلين، معتبرًا أن "المعارضة الحقيقية تكون داخل البلاد وتستخدم السبل السلمية في الدفاع عن مشروعها ووجهة نظرها، وهؤلاء هم مجرد مليشيات مسلحة تعمل لتحقيق أجندات سياسية لمن يمولها، وولاء المقاتلين السوريين في الحرب الدائرة بكارابخ هي للمُموّل، فهم لا يقاتلون دفاعًا عن معتقد أو دين معين".
وشدّد نصير على أن "الدولة السورية دفعت ثمنًا باهظًا للتخريب الذي قامت به هذه المليشيات وهي تحاول حتى اليوم وضع حدّ للضرر الذي لحق بسوريا على المستويين الجغرافي والبشري"، لافتًا إلى أن "كل من يتحدث عن السلام كان ينبغي عليه أن يعترف بالشرعيّة السورية ويناقش معها بعيدًا عن المحاولات التي قاموا بها طيلة السنوات العشرة الماضية".
وعن توجّه عدد من الدول العربية نحو التطبيع مع إسرائيل، لفت نصير إلى أن "معظمها في المنطقة تحاول استمداد شرعيتها من القوة الأعظم في العالم، وأميركا تهدّد هذه الدول بملاقاة نفس المصير الذي لاقته سوريا والعراق وليبيا واليمن، إذا لم يطبّعوا علاقاتهم مع إسرائيل".
وشدّد نصير على أن "كل الشعوب تتوق إلى السلام المبني على العدالة والمساواة، أما السلام الذي يتحدثون عنه اليوم لا نرى فيه أي مظهر من مظاهر استرداد الحقوق وبالتالي هو ليس سلامًا حقيقيًا"، مؤكدًا أن "الدول التي اختارات الممانعة تسير في درب الجلجلة وستنتصر في نهاية المطاف وسيكون الحق في صف من يؤمن بعدالة القضية التي يحملها"، مذكرًا بأن "التاريخ والموروث الروحي يشيران إلى أن الله يقف دائما إلى جانب المظلومين".
وحول ملف النازحين السوريين في لبنان، أكّد نصير أن "المناطق الآمنة في سوريا كثيرة، والجهات المعنيّة قامت بكل ما يلزم لإعادة الحياة إلى المناطق المحرّرة من الإرهابين من خلال تأهيل شبكات المياه والكهرباء والهاتف، وقدّمت الدولة السورية كل التسهيلات والتطمينات اللازمة، وأشدد على أن سوريا متعاونة إلى أقصى حد وتريد إستعادة جميع مواطنيها من الخارج"، معتبرًا أن "بعض الدول تستخدم ملف النازحين كورقة للضغط على الحكومة السورية لتقديم تنازلات سياسية في محاولة لتفادي الهزائم العسكرية التي منيت بها".
وعن الواقع المسيحي في سوريا ولبنان والحديث عن مخطط لتهجير المسيحيين، اعتبر نصير أن "القضية ليست تهجيرهم بل تهجير نخبة إجتماعية وفكرية وسياسية في سعي لإفقاد المنطقة أهم مصادرها البشريّة القادرة على صنع التغيير، وذلك خدمةً للدول المتغطرسة"، مشدًدا على أن "المجتمع المسيحي مسالم جدًا وربما هو الأقلّ تحمّلًا للتحدّيات الإقتصادية".
وفي الختام، تطرّق نصير إلى قضية المطرانين المختطفين في سوريا، مبيّنًا أن "الدولة السوريّة والجهات الروحية فيها تقوم بكل ما بوسعها لكشف مصيرهما، ولكن حتى الآن لا أخبار جديدة في هذا الملف، ونحن مستمرون بالصلاة وإلقاء الرجاء على الله لعودتهما سالمين".