لم يتطرق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته المتلفزة الأخيرة، الى تفاصيل الشأن الحكومي، مكتفياً بتجديد موقف الحزب المنفتح على الحلول المنطقية والواقعية، والداعم لها، التي تؤدي الى ولادة الحكومة المرتجاة. وأكّد أنّ الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة في البلد، لا يُمكن أن تُدار من دون حكومة، والاستمرار في حكومة تصريف أعمال، لافتاً الى أن المعطيات التي يملكها في شأن تأليف الحكومة، هي جيدة، من دون الإفراط بالإيجابية. وقال: "نحن إيجابيون، وسنبقى".
لاريب أن كلام السيد نصر الله، يؤشر الى أن العقد التي تعوق التوافق بين المعنيين، على التشكيلة الحكومية المرتقبة، هي ليست لدى "الحزب"، بل في مكانٍ آخرٍ. مع العلم أن هذه الإيجابية، قد يعتريها تدخل الولايات المتحدة في الشؤون الداخلية اللبنانية، من خلال إشهار "الفيتو الأميركي" على إسناد وزارة الصحة للحزب، ما قد يدفعه الى التشبث بالتمسك بها، وعدم التنازل عنها.
والأخطر والأنكى من ذلك في سياق هذا التدخل في الشؤون اللبنانية أيضاً، ما كشفته معلومات خاصة مفادها: "أن قطب وزاري، نقل لشخصيات وزارية وسياسية لبنانية، رغبة السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، بعدم التجاوب مع المبادرة الروسية الرامية الى حل أزمة النزوح السوري في لبنان، و بالتالي التمنع عن المشاركة والحضور في المؤتمر الروسي لعودة اللاجئين السوريين، الذي يعقد في دمشق في 11- و12 تشرين الثاني المقبل. رغم إيفاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الى بيروت، وفداً روسياً رفيعاً برئاسة برئاسة المبعوث الخاص للرئيس الروسي للشؤون السورية الكسندر لافرنتييف، لدعوة لبنان الرسمي الى المشاركة في المؤتمر المذكور.
وفي سبيل إرضاء السيد الأميركي، يبدو أن هذا القطب، تعامى عن كل إرهاصات النزوح على لبنان، وأنه لم يعد بوسعه أن يتحمل المزيد من الأعباء المالية، خصوصاً في ضوء الأزمة الإقتصادية الحادة، التي ألمت به. ولاريب أن البلد، لم يعد قادرا على تحمل المزيد من التداعيات السلبية لهذا النزوح الذي كبّده خسائر تجاوزت الـ 40 مليار دولار أميركي وفق أرقام صندوق النقد الدولي.
والسؤال هنا، هل يكرر لبنان الرسمي "خطيئة العام 2013"؟ عندما سعت الأمانة العامة للمجلس الأعلى اللبناني- السوري برئاسة أمينها العام نصري خوري الى إيجاد حلٍ ملائمٍ لأزمة النزوح السوري الى لبنان ما بين العامين 2013 و2014، ووضع جدول زمني لإعادة النازحين الى سورية، وتم التواصل مع الجهات الرسمية في لبنان وسورية، وفي مقدمهم رئيسي الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان، والحكومة نجيب ميقاتي في حينه، وبالتنسيق أيضاً مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم. وجرى التوصل الى اتفاق يفضي الى تأليف لجنة مشتركة لبنانية – سورية، تشارك فيها الدوائر المعنية في شؤون النازحين في الأمم المتحدة، لتضع برنامجاً مرحلياً لبدء عودة النازحين الى بلادهم.
ولكن بعد التوافق على أسماء أعضاء اللجنة، أبلغ الجانب اللبناني "الأمانة العامة"، أنه غير قادر على إصدار القرار المناسب في شأن تأليف هذه اللجنة، وتمنى التمهّل آنذاك". إن تاريخ 11 تشرين الثاني المقبل، سيظهر مدى صدقية الساسة اللبنانيين وحرصهم على عودة النازحين السوريين الى ديارهم، والأمر متوقف على مشاركة لبنان الرسمي، وحضوره الفاعل في المؤتمر المذكور، من عدمها .. وإن غداً لناظره قريب.
بالعودة الى الشأن الحكومي، فالتكتم سيد الموقف، رغم ذلك، توحي الأجواء الإيجابية التي تحدث عنها ال س ي د ن ص ر الله، ويؤكدها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أن الثنائي حركة أمل و"الحزب"، خارج الخلافات التي تعرقل تأليف الحكومة.
وفي الصدد، يثني مرجع قريب من هذا "الثنائي" على حرص رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، تأليف حكومة جامعة، لا تقصي أو تنتقص من ثمثيل أي من المكونات اللبنانيين، الممثلين في البرلمان. لذلك قد يصر على رأيه، بأن تتضمن الحكومة الجديدة 20 وزيراً، كي تتسع لتمثيل كتلة النائب طلال إرسلان في عدادها. الأمر الذي يرفضه رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، الذي يحاول أن يحتكر قرار الطائفة الدرزية، ودائما بحسب رأي المرجع.
ويعتبر أن حق الرئيس عون، التمسك بتحقيق التمثيل المسيحي الصحيح في الحكومة العتيدة، بالتالي حصول فريق الرئيس على 7 وزراء، الأمر الذي يعتبره الرئيس سعد الحريري، أنه تمسك بالثلث الضامن في حكومته المنتظرة. وهو لايزال يرفض هذا الأمر، خوفاً من تكرار تجربة كانون الثاني 2011، يوم إستقالت حكومته دستورياً، خلال اجتماعه مع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، خصوصاً أن الحكومة المرتقبة، قد تستمر الى أجل غير مسمى، برأي المرجع.
ويختم: "أمامنا فرصة ثلاثة أيام حاسمة، إما أن تتشكل الحكومة المرتجاة، وإما نكون ذاهبين نحو التأزيم.