اشار البطريرك الماروني بشارة الراعي الى انه لا يمكن ان يبنى مجتمع بشري او موطن بعيدا عن الكلام الالهي، واوضح بانه هذه هي حالنا في لبنان إستغناء عن الله وكلامه، بلبلة في المصالح الشخصيّة والولاءات الخارجيّة، غياب في السلطة الإجرائيّة، وفوضى إداريّة وأمنيّة من جرّاء السلاح غير الشرعيّ والمتفلّت والسرقات والإعتداءات، التهريب خارج البلاد وعلى حسابها، تسييس القضاء. وبكلمة سلطة غائبة وضعيفة وفوضى.
وسأل الراعي في عظة الاحد، إلى متى يتمادى المعنيّون، من مسؤولين وسياسيّين ونافذين وأحزاب، وبأيّ حقّ، في عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة؟ ألا يخجلون من الله والناس وذواتهم وهم يعرقلون، لا حمايةً للمبادئ الدستوريّة والثوابت الوطنيّة، بل تمسّكًا بمحاصصتهم، والحقائب الطائفيّة، فيما نصف الشعب اللبنانيّ لا يجد "حصّة" طعام ليأكل ويوضّب "حقائبه" ليهاجر. يا للجريمة بحقّ الوطن والمواطنين. فليوقف جميع الأطراف ضغوطهم على الرئيسِ المكلَّف، لكي يُبادرَ بالتعاونِ مع رئيسِ الجمهوريّةِ إلى إعلانِ حكومةٍ بمستوى التحديات. لكنَّ ما رَشَح عن نوعيّةِ الحكومةِ العتيدةِ لا يُشير إلى الاطمئنان.
أمّا ما يختصّ بترسيم الحدود البحريّة بين لبنان وإسرائيل، اعتبر الراعي بانه يجب أن تشمل الحدود البريّة أيضًا بما يحفظ حقوق لبنان، بل وأن تثبّتها. فحدود لبنان الدوليّة مُرسَّمةٌ وثابتةٌ منذ إعلانِ دولةِ لبنان الكبير سنة 1920، ونَرفض المسَّ بها. لذلك حريٌّ بالدولةِ اللبنانيّةِ أن تَنطلق في مفاوضاتِها من خطِّ تلك الحدودِ التي أُعيد تَثبيتُها في اتفاقيّةِ الهُدنةِ سنة 1949 وليس من أي اتفاقيّةٍ أخرى. وإذ نُشدِّدُ على ذلك فلأنّنا نَتمسّكُ بوِحدةِ لبنان وكيانِه، فلا نُريد أنْ يُعبثَ بالدستورِ هنا وبالحدودِ هناك.
واوضح الراعي بانه كلُّ ذلك يؤكّدُ ضرورةَ عودةِ اللبنانيّين، كل اللبنانيين إلى كنفِ الدولة، وضرورةَ عودةِ الدولةِ إلى كنفِ الدستور. ففي المراحلِ المصيريّةِ تَبقى وِحدةُ الشعبِ، معطوفةً على اتّباعِ نظامِ الحِيادِ الناشط، أفضلَ شبكةِ حمايةٍ لبقاءِ لبنانَ بمنأى عن عَدوى الصراعاتِ التي تُهدد مِنطقةَ الشرقِ الأوسط، وبخاصةٍ بمنأى عن صراعِ الأديان، وأفضل مصدر لللإستقرار السياسي والنهوض الإقتصاديّ، وحماية دور لبنان للتلاقي بين الثقافات والديانات.