أكّد الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة أن "التدقيق الجنائي مهم ويجب أن يشمل كافة مؤسّسات الدولة، ولكن العقد الموقّع مع شركة "الفاريس ومارسيل" يخالف القانون، ودائمًا القانون أقوى من العقود"، مشيرًا إلى "وجود عقبة أساسية أمام التدقيق متمثلة بتقديم بعض المعلومات التي يُحاسب القانون أي شخص يقوم بإفشائِها"، موضحًا أن "أي موظف في مصرف لبنان لو قدّم هذه المعلومات سيكون مصيره السجن".
وفي حديث لـ"النشرة"، كشف عجاقة أن "هناك ثلاثة حلول للسير بالتحقيق الجنائي وهي: إما تعديل بعض المواد في قانون النقد والتسليف والسرية المصرفية في مصرف لبنان، والسماح للشركة بالإطلاع على المعلومات لفترة محددة، أو إعطاء القضاء اللبناني استقلالية مطلقة للتحقيق، وعندها تصبح هيئة التحقيق الخاصة في المصرف المركزي ملزمة بتقديم كافة المعلومات بحسب القانون 3182001، أما الحل الثالث فهو البدء بالتدقيق بتقرير ديوان المحاسبة الذي يكشف أن 27 مليار دولار من حسابات الدولة مجهولة المصير، وبالتالي يمكن البدء من هنا، مّما يُعيد شيئًا من ثقة المواطن بالدولة".
وحول تأكيد البعض أن السرية المصرفية قانون يسري على أموال المودعين وليس على الأموال العامة، أوضح عجاقة أن "هذا الشق قانوني ويُسأل به أصحاب الشأن، ولكن في حال تجاوزنا السرية المصرفية ماذا نفعل بقانون النقد والتسليف؟ فهناك أكثر من عقبة أمام الشركة، مع العلم أن المهام الموكلة إليها هي من صلب عمل ديوان المحاسبة، ولكن اللجوء إليها كان بهدف التخلص من الضغط السياسي على الديوان".
من جهة اخرى، كشف عجاقة أن "معدلات الفقر في لبنان وصلت إلى حدود 60 بالمئة، وهناك تراجع هائل في القدرة الشرائية لدى المواطنين، وحتى الآن معظم اللبنانيين يصرفون من مدّخراتهم وعندما تنتهي سنكون أمام ساعة الحقيقة".
و جزم عجاقة أن "بمعزل عن بعض الشروط التي تحمل أبعادًا سياسية فإن لبنان غير قادر على تحمّل كافة الشروط الاقتصادية التي يفرضها عادةً صندوق النقد الدولي وأبرزها تحرير سعر الصرف، ولكن هذا لا يعني الاعتراض على مبدأ المفاوضات، ومن هنا أؤكد أنه من الضروري أن يكون المفاوض اللبناني شرسًا وأن يوضح الأسباب المنطقية لرفض بعض الشروط، والأهم أن يكون لبنان شفافًا مع الصندوق ويذهب بأرقام موحدة وليس كما حصل في المفاوضات السابقة".
وفي الختام، رأى عجاقة أن "رفع الدعم وتحرير سعر الصرف نقطتان أساسيتان لا يجب أن يتم تخطيها، ولا أعتقد أن هناك مَنْ يجرؤ على القيام بذلك في لبنان كونه سيؤدي إلى رد فعل كبير جدًا على المستوى الشعبي"، مشيرا إلى ان "حكومة حسان دياب طرحت في خطتها الاقتصادية 3 نقاط رئيسيّة: تحميل الدين العام لمصرف لبنان والمصارف، وتخفيض سعر الليرة لتصحيح العجز في ميزان المدفوعات، وطلب الدعم من صندوق النقد الدولي، وهذا غير مفهوم لأن تحرير سعر الصرف يعني أنّ المواطن سيدفع من جيبه وهذا الأمر يناسب الدولة والمصارف ولهذا السبب نرفض المسّ بالليرة".