تنتشر على جانبي نهر الزهراني بالقرب من بلدة حبوش مطاحن تحمل اسم البلدة، كانت قد عرفت عزاً ونهضة اقتصادية ما بين الخمسينات والسبعينات حيث كان القمح المزروع على جانب النهر يُطحن فيها. اليوم، تحولت هذه المطاحن الى تراث يحكي المجد الغابر. يصل عددها إلى 5، تمتد من حبوش الى رومين ودير الزهراني وصعودا الى عربصاليم.
أوضح الباحث في التاريخ الدكتور طارق شمس، عبر "النشرة"، أن "هذه المطاحن تعود إلى العصر العثماني وهي اليوم خالية ومهملة، وكانت تستخدم لطحن القمح والحبوب ويعرف بعضها بـ"مطحنة الخزيمية" و"مطحنة الكروية" و"مطحنة الحربية" و"مطحنة الجعفرية"، مشيراً إلى أنها "كانت من مظاهر الحياة اليومية التي كانت ترافق يوميات ابن جنوب لبنان في ذلك الزمن".
ولفت شمس، وهو كان قد أصدر كتاباً تفصيلياً عن هذه المطاحن، إلى أنها تحولت في القدم الى ساحات للقاء والتعارف والزواج والغناء والرقص والدبكة، مضيفاً "تتألف المطحنة من مبنى خاص، تُجر المياه اليه بواسطة قناة، ومنه يتم تحويلها نحو سطحها حيث تجمع في خزان. وفي وسطها "مسنّنان"، احدهما افقي والآخر عامودي، تجري المياه نحو المسنّن العامودي فيتحرك وبالتالي يتحرك الافقي ويحرّك معه الاحجار داخل المطحنة، وداخلها يوجد جرن يوضع فيه القمح الذي يفرز بعد الحصاد من التراب".
ولفت شمس الى أن "المطاحن العاملة على الماء تراجعت مع بداية القرن العشرين وامتداد شبكات الكهرباء بين كافة المناطق اللبنانية، فتراجعت القديمة منها وتوقف عملها لتصبح جزءاً من التراث، واخذ لبنان يستورد القمح من الخارج بعد تراجع أعداد المزارعين في الأرياف وتحولها إلى مدن حديثة".
في سياق آخر، لا تخرج هذه المطاحن من كونها جزءاً من ذاكرة أهل المنطقة. أوضح أبو محمد سامي من عربصاليم، أن "لمطاحن حبوش العز واهمية تراثية وعمرانيّة واقتصادية انتهت مع مرور الزمن وأصبحت طيّ النسيان رغم انها بحاجة الى عناية البلديات ووزارة الثقافة لتتحول إلى معالم سياحيّة تحكي تاريخ الأجداد، حيث كانت السعادة تلف المحيط".
من جهتها، أشارت سميّة حسّون إلى أنه "عندما نتذكر هذه المطاحن وايامها الجميلة تصيبنا الغصّة لأنّنا افتقدنا المحبّة والالفة، حيث كنا نجلس بقربها نطحن القمح ونتبادل الفرح في مناسبات الحياة التي افتقدناها اليوم، وأصبحت علامة من الماضي البعيد".