هل نحن فعلاً بصدد مهمة تأليف حكومة؟!
هل نحن فعلاً أمام مهمة تمثيل الطوائف والأحزاب وتوزيع الحقائب عليها؟!
هل نحن فعلاً بصدد مهمة اختيار وزير شيعي للمالية وماروني للطاقة ومداورة طوائف ومذاهب على الحقائب؟!
هل نحن فعلاً أمام تحدي تأمين ثلث معطل أو مواجهته؟!
هل نحن فعلاً بصدد تأمين محاصصة عادلة لضمان ثقة "جحا وأهل بيته"؟!
أسئلة تلازم اللبناني المفجوع بعاصمته ودولته وجنى عمره، الخائف على مستقبله ومستقبل أولاده، الفاقد كل ثقة بإمكانية إصلاح طال انتظاره أو تغيير لوضعه المنهار، الحالم بتأشيرة هجرة وتذكرة سفر...
فهل هذه هي المهمة المطلوبة اليوم؟!
أين نحن من المهمة الأنقاذية وأين ما سمي بـ "حكومة المهمة" التي شكلت جوهر التزامنا محلياً ودولياً في ظل المبادرة الفرنسية على وقع صرخات شبابنا وأنين شعبنا؟
لقد انهارت كل مصطلحات المراحل السابقة وشعاراتها السياسية والحكومية وباتت ثلاثية اصلاح - محاسبة - ثقة هي المهمة وكل ما نريد ونحتاج من الحكومة لإنقاذ الجمهورية وناسها!
لكن للأصلاح أولويات تبدأ بالتي كانت هي الداء أي بالمالية العامة باستعادتها الى كنف الدستور والقانون بعد الإفراج عن أرقامها الحقيقية والفعلية - المحتجزة بعد 10 سنوات بمبادرة وضغط ومتابعة من لجنة المال والموازنة وعمل مضنٍ في وزارة المال للتدقيق بكل تفاصيلها ولإعادة إنتاجها مصححة منذ العام 1993 وحتى اليوم - في ديوان المحاسبة بحجة الشغور المخيف في ملاكه وذلك منذ ما قبل 2010. وإلا فعلى أي أرقام تبني الحكومة مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي وسائر المعنيين داخلياً وخارجياً؟
الإفراج سريعاً، ولأول مرة، عن موازنة إصلاحية لا سلفات كهربائية ولا هندسات مصرفية لخدمة دينها وتقليص عجزها ولا جمعيات واعتمادات لإدارات ومجالس وصناديق وهيئات تتكرر سنوياً دون حسيب ولا رقيب... موازنة لطالما عملنا لها في المجلس النيابي فتوصيات لجنة المال والموازنة ومقرراتها خير دليل لمن يريد الاهتداء.
إنجاز الاتفاق مع صندوق النقد وتنفيذ الإصلاحات في الكهرباء وإنجاز قوانين الكابيتال كونترول والشراء العام واستقلالية القضاء والمحكمة الخاصة للجرائم المالية والتدقيق الجنائي على مصرف لبنان و كل مؤسسات الدولة وإداراتها بعد أن أقرّ المجلس النيابي في الأشهر الماضية منظومة قوانين لمكافحة الفساد من الإثراء غير المشروع ورفع السرية المصرفية وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وإنجاز استعادة الأموال المنهوبة في اللجان الخ...
استعادة الثقة بلبنان مالياً ومصرفياً من خلال وقف الانهيار المالي والاقتصادي وإعادة هيكلة الدين العام والقطاع المصرفي واستعادة المبادرة على صعيد الدولة ومؤسساتها كما دفن التسويات والفساد والشروع بالمحاسبة وتطبيق القوانين.
هذه هي "المهمة" التي تسترد حياة لبنان والتي يجب تأليفها وقد وصفت بحكومة "مهمة" والتي من أجلها ومن أجلها فقط يبرر أي تشاور وتبرر أي حكومة.