مع اقتراب موعد انعقاد المؤتمر الدولي لإعادة اللاجئين السوريين إلى سورية، الذي تشارك روسيا في تنظيمه في دمشق في 11 و12 الشهر الجاري. هذا المؤتمر الذي دعَت الولايات المتحدة الأميركية إلى مُقاطعته، واعتبر سفيرها لدى الأمم المتحدة أنه من غير المناسب بأن تُشرف عليه روسيا، لأنها من الداعمين للرئيس بشار الأسد. ووُجهت دعوات إلى 108 دول لحضوره، لكن التركيز جرى على دول الجوار التي ينتشر فيها العدد الأكبر من النازحين.
لبنان واحد من الدول المدعوّة، والتي زارها الوفد الروسي لتسليمها الدعوة لحضور المؤتمر المذكور. فهل يلبّي لبنان الدعوة، ويحضر بوفد رسمي رفيع؟ وفق تمنّي الوفد الروسي، الذي عبّر عنه في لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين، بأن يكون التمثيل على مستوى وزاري كي يُسهم بفعالية في تطبيق مقررات المؤتمر، (أي عودة النازحين إلى ديارهم)، خصوصاً أن لبنان من دول الجوار الأكثر تضرراً في ملف النزوح، وفشل هكذا مؤتمر سيعود عليه بارتدادات كارثية. لكن المريب في هذا الصدد، أن ثمة معلومات تفيد "بأن لبنان لن يشارك على مستوى سياسي رفيع بل سيكون ممثلاً عبر سفيره في دمشق سعد زخيا".
بناءً على ما تقدّم، وانطلاقاً من موقعه السابق، كرئيسِ للدولة اللبنانية، بماذا يوصي رئيس الجمهورية الأسبق العماد إميل لحود، المعنيين بملف اللاجئين السوريين في الدولة اللبنانية؟
يشدد لحود على ضرورة إعلاء الشأن الإنساني على كل ما عداه في هذا الملف، سائلاً بأي وجه حق يبقى النازحون السويون في الخيم على مدى عشرة أعوام، وأين العدالة الدولية من ذلك، ألم تقتنع بعد، الدول التي شنت الحرب على سورية، وهجّرت شعبها، أن مشروع تفتيت هذا البلد، سقط بفضل صمود شعبه وجيشه وقيادة رئيسه الدكتور بشار الأسد؟
ويشير رئيس الجمهورية الأسبق الى أن روسيا وسورية بادرتا اليوم الى طرح حلٍ عملانيٍ لإنهاء أزمة النزوح السوري، كذلك أمنت دمشق ولاتزال تؤمن الملاذ الآمن لكل من رغب ويرغب من مواطنيها بالعودة الى بلده، بدليل عودة ما يفوق عن الـ 400 ألف نازح سوري من لبنان، رغم كل محاولات الترغيب والترهيب، من بعض الجهات الخارجية والداخلية، لثنيهم عن العودة الى بلدهم، وفي مقدمة الجهات المذكورة، تلك المنظمات والجمعيات المحلية وغير المحلية، المستفيدة مادياً من أزمة النزوح.
ويبدي لحود خشيته من أن يكون الهدف الحقيقي لعرقلة عودة النازحين الى ديارهم، هو سعي الدول الشريكة في الحرب الكونية على سورية، الى تجنيد ما أمكن من النازحين، والاستمرار في زجهم في الأعمال الإرهابية، والصراعات الإقليمية والدولية، على غرار ما يحدث في أقليم "ناغورني قره باغ" ، وليبيا، وقبلها في سلسلة جبال لبنان الشرقية.
وما يثير استغراب العماد لحود، هو عدم صدور أي موقف أو رد لبناني رسمي، على الدعوة الروسية لحضور "مؤتمر دمشق"، خصوصاً لجهة مستوى المشاركة في هذا المؤتمر. ويسأل بدهشةٍ، هل يسهم لبنان في شكلٍ من الأشكال في محاولة إفشال عودة النازحين، من خلال عدم المشاركة في المؤتمر المذكور؟
ويتابع الرئيس لحود، هل لايزال وجود النازحين يشكل عبئاً على لبنان واللبنانيين، بعدما تجاوزت الخسائر الناجمة عن النزوح الـ 40 مليار دولار أميركي وفق أرقام صندوق النقد الدولي، ما عدا بعض المستفيدين من تشريد الشعب السوري؟
ويشدد على ضرورة أن يكون لبنان في مقدمة الحضور في مؤتمر دمشق، أو أي مؤتمرٍ دولي، أو تحرك، يرمي إلى إعادة النازحين الى سورية.
ويعتبر أن هذا المؤتمر يشكل فرصةً للبنان لإنهاء أزمة النزوح الى أراضيه، مؤكداً أن الطريق الى ذلك، لن يتحقق من دون أن يرتقي التنسيق بين بيروت ودمشق، لتأمين العودة المرتجاة، على مستوى حكومتي البلدين، خصوصاً أن هذا الشأن، هو إنساني قبل أي أمرٍ آخر. كذلك يُعدّ نجاحاً كبيراً لأي حكومة، تستطيع إقفال ملف النزوح.
وعن فرضية إستمهال لبنان الرسمي، إعادة تحريك ملف النزوح، لغاية تسلّم الإدارة الأميركية الجديدة زمام الحكم في الولايات المتحدة، يقول لحود: "للأسف، إن المراهنات الدائمة على التحولات والتطورات الخارجية، علمتنا ألا نتكل على أنفسنا، وأن ننتظر الأوامر والتوجيهات".
ويشير الى أن التغيير الدولي، قد يستغرق أعواماً، لكي ينعكس تأثيره على الوضعين المحلي والإقليمي، مؤكداً أن الوقت الراهن، هو الظرف الملائم، لإتخاذ القرارات الجريئة.
وعن إمكان إحجام لبنان عن المشاركة في مؤتمر دمشق، خوفاً من "سيف العقوبات الأميركية المسلط على رقاب المسؤولين اللبنانيين"، يجزم رئيس الجمهورية الأسبق، أن من يخاف العقوبات، هو المرتكب الخائف على أمواله المخزنة في المصارف الخارجية، التي إكتسبها عن طريق الإثراء غير المشروع، وهذا المرتكب يجب ألا يكون في موقع إتخاذ القرار.
وختاماً، يثني لحود على دور كل من روسيا وسورية، وعزمهما على إنهاء هذا الملف الإنساني. كذلك يشيد بصمود الشعب السوري، والتفافه حول قيادته، وصلابة الجيش السوري، وقائده العام الرئيس الأسد، الذي حافظ على سيادة بلاده، ووحدة أراضيها، وبتصميمه على تطهير آخر شبرٍ منها من رجس الاحتلال والإرهاب في آنٍ معاً.