لا تخفي القوى السياسية الفلسطينية في لبنان ومعها أبناء المخيمات إرتياحهم لنتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية وفوز المرشح جو بايدن على الرئيس الاميركي دونالد ترامب، ويعلقون آمالا كبيرة ان تطوى صفحة القرارات المجحفة التي اتخذها ترمب شخصيا والادارة الاميركية وكادت تقلب القضية الفلسطينية رأسا على عقب من خلال الانحياز الكامل لـ"اسرائيل" وفرض تطبيق "صفقة القرن" التي رفضها الفلسطينيون: سلطة وقيادة وقوى سياسية وشعبية لانها تعني القبول بتصفيتها وشطب حق العودة.
وللمرة الاولى في تاريخها، واكب ابناء المخيمات الفلسطينية في لبنان الانتخابات الاميركية باهتمام بالغ، كأنها تعنيهم مباشرة، وحبسوا أنفاسهم بانتظار نتائجها بعدما ذاقوا الويل والظلم من قرارات ادارة ترامب، التي لم تكتفِ انها تحولت من "وسيط نزيه" في "عملية السلام" الى "طرف منحاز" لدعم "اسرائيل"، بل اتخذت قرارات تاريخية "تصفوية" بشأن القضية الفلسطينية، لم يفعلها احد قبلها، حتى وصلت الى قطيعة بينها وبين السلطة الفلسطينية بعد اقفال مكتب "منظمة التحرير الفلسطينية" في واشنطن وطرد السفير الفلسطيني لديها حسام زملط.
خلال ولاية ترامب، اتخذت الادارة الاميركية عشرات القرارات ضد القضية الفلسطينية، رسمت خريطة السلام وفق المصلحة الاسرائيلية، ومن أبرزها اطلاق "صفقة القرن" التي تضمنت على ان القدس عاصمة غير مجزأة لإسرائيل، والاعتراف بسيادة الأخيرة على المستوطنات والأغوار، واعتراف الفلسطينيين أن إسرائيل هي دولة يهودية، وتنازلهم عن حقهم بالعودة وتقديم 50 مليار دولار للاستثمار والنهوض بالاقتصاد الفلسطينيوالاعتراف بالقدس عاصمة لـ"اسرائيل" ونقل السفارة الاميركية اليها، ثم بوقف الدعم المالي لوكالة "الاونروا" بهدف انهاء عملها وشطب قضية اللاجئين، وقف دعم السلطة ماديا ومستشفيات القدس، تشريع الاستيطان وتشجيع قرار ضمّ اراضٍ من الضفّة والغربية والاغوار، وصولا الى استخدام نفوذها ورعاية التطبيع مع بعض الدول العربية دون موافقة فلسطينية.
في المقابل، لا ياسف الفلسطينيونعلى رحيل ترامب، ويأملون من بايدن ترجمة وعوده باعادة احياء عمليّة السلام وحل الدولتين والعاصمة القدس الشرقيّة ووقف الاستيطان وبضخ المساعدات المالية الى الاونروا"، مشيرين الى ان علاقته مع رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو لم تكن جيدة وقد مرّت بمرحلة من الفتور خلال سنوات 2010 على خلفية زيارته "اسرائيل" وطلبه تعليق النشاط الاستيطاني، غير انه تفاجأ في اليوم الثاني بالاعلان عن حزمة جديدة منها، وفي العام 2015 تأييد نتانياهو للحزب الجمهوري في الكونغرس الاميركي علنا وفي العام 2016 من خلال عدم رضاه عن المساعدات المالية الاميركية والمطالبة بالمزيد وتأجيل استلامها الى عهد ترامب كي يتمكن من زيادتها.
ويصف عضو قيادة الساحة اللبنانية لحركة "فتح" اللواء منير المقدح لـ"النشرة"، عهد ترامب بانه "الاسوأ" على الاطلاق على القضية الفلسطينية، فالقرارات التي اتخذتها الادارة الاميركية كانت تهدف الى تصفيتها، وشطب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني التي ناضل من اجلها عقودا طويلة وقدم الكثير من التضحيات الجسام، قائلا "ما فعله الرئيس الأميركي الخاسر في الانتخابات لم يتجرأ عليه اي رئيس أميركي آخر، لجهة دعم اسرائيل بالمطلق، والاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل السفارة الاميركية اليها، وتشريع الاستيطان وتشجيع الضم ووقف الدعم المالي، مضيفا "ما يهمنا ان يأتي رئيس اميركي يؤمن بعدالة القضية ويؤيد اقرار حقوقنا في اقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس وحق عودة اللاجئين والاشهر القادمة ستكون فاصلة في ترجمة سياسة بايدن الجديدة".
بينما لا يعول مسؤول العلاقات السياسية لحركة "حماس" الدكتور أيمن شناعة كثيرا على التغيير الجوهري، ويقول لـ"النشرة"، انهما "وجهان لعملة واحدة"، قبل ان يشرح "قد يتغير الاسلوب فقط، ترامب اعتمد سياسة القوة، وبايدن قد يعتمد السياسية الناعمة لتمرير قرارات الادارة الاميركية"، ما يخفف من حدة "الكباش" ويؤخر تنفيذ بعضها مثل ضم اجزاء من الضفة والاغوار"، مؤكدا "ما يعنينا اننا لن نرفع الراية البيضاء، او نستسلم او نسلم بالمشاريع التصفوية وسنواجهها بكل قوة ووحدة حتى تحقيق مطالبنا العادلة".
في عهد ترامب، شهدت المخيمات الفلسطينية تحركات احتجاجية عديدة رفضا لقراراته المجحفة وقد بلغت ذروتها ابان اعلان صفقة القرنمع حرق العلم الاميركي، وهذه الاحتجاجات جاءت ترجمة للعلاقات الاميركية–الفلسطينية التي مرت بمراحل من المد والجزر بين التوتر والقطيعة وبين الفتور والمقبولة، لكن شعور الفلسطينيين ضمنيا لم يتراجع يوما بان كل الادارات الاميركية عملت لصالح "اسرائيل" بلا هوادة وان بنسب مختلفة، وانها لم تكن وسيطا نزيها في عملية السلام بل طرفا منحازا الى "اسرائيل"، ويقول علي عبد الغني من مخيم عين الحلوة "ان العلاقة بينهما استراتيجية وما يختلف هو الاسلوب والتكتيك، في كل الاحوال لن يأتي اسوأ من ترامب وما ذقنا منه من مرارة لا يوصف ابدا"، بينما يشدد عادل ابو عطية انه تخلصنا من الكابوس، مع تمنيات ان يختارالرئيس بايدن ادارة جديدة تؤمن بعدالة القضية الفلسطينية وتتعامل مع الشعب على أنه انسان يحق له العيش بحرية وكرامة في ارضه ودولته وعاصمته مثل غيره".