وَصف الأمين العام للهيئات الاقتصادية رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، المسار التجاري في السنوات العشر الأخيرة بـ"الكارثي، حيث مرّ القطاع بثلاث مراحل أوّلها عام 2011 مع بدء الحرب في سوريا، حيث كان لبنان في عزّ فورة اقتصاديّة وتجاريّة نتجت عن تسوية الدوحة، فاستبدل خلالها السائحين بالنازحين الّذين دخلوا في مضاربة غير مشروعة مع القوى العاملة اللبنانية، ما أدّى إلى خروج عامل لبناني مقابل كلّ دخول عامل سوري إلى سوق العمل، ونَتجَ عن ذلك فقدان القدرة الشرائيّة لدى اللبناني تدريجًا. كما عانت القطاعات الإنتاجيّة من المنافسة غير المشروعة الّتي زعزعت أسسها رويدًا رويدًا".
وأوضح في حديث صحافي، أنّ "بداية المرحلة الثانية كانت في العام 2017، مع إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته من السعودية، الّتي أدّت إلى اضطراب كبير في أسواق المال وخروج الرساميل من لبنان وارتفاع الفوائد بشكل حاد، وقد أُضيفت إليها خطيئة سلسلة الرتب والرواتب الّتي سبق وحذّرنا من أنّ إقرارها سيؤدّي إلى كارثة ماليّة بسبب عدم توفّر الموارد المالية لتغطيتها".
ولفتت شماس إلى "أنّني أَضف إلى ذلك أنّ سُبل إيجاد هذه الموارد كان عن طريق فرض سلّة من الضرائب، ما لبثت أن انعكست سلبًا على كلّ زوايا الاقتصاد وأصابَته بالشلل، وصولًا إلى المرحلة الثالثة الّتي تجلّت بأحداث 17 تشرين الأوّل، حيث وقع الانهيار الشامل بعد إقفال المصارف وتوقّف إمكانيّة تحويل الأموال إلى الخارج وبدء مَسار هبوط العملة الوطنية وانعدام القدرة الشرائية للبنانيّين".
ورأى أنّ "وَقف التحويلات إلى الخارج أصاب القطاع التجاري في الصميم، بعدما عجزنا عن دفع موجباتنا إلى الموردين الّذين كانوا يريدون منّا مليارات الدولارات. كلّ هذه العوامل أدّت إلى مذبحة تجاريّة مع تسجيل خروج أعداد كبيرة من الماركات العالمية من السوق اللبنانية تِباعًا، ما تَسبّب بمأساة اجتماعيّة واقتصاديّة وإنسانيّة، وضربة قويّة لمكانة لبنان كمركز للتسوّق الإقليمي".
وشدّد على "أنّنا عَملنا 30 عامًا للوصول إلى ما كنّا عليه، حتّى بات اللبناني أو السائح يشعر وكأنّه في أوروبا، إنّما للأسف كلّ المشهد تغيّر بلمحة بصر. الأسوأ أنه أصبح هناك شيطنة للقطاع التجاري من خلال تحميله مسؤوليّة العجز في ميزان المدفوعات، وهذا ظلم للقطاع، إذ إلى جانب تراجع دخول الأموال من قبل الانتشار اللبناني والاخوان العرب وخروج الرساميل من المصارف اللبنانية، استضاف لبنان أكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري على أراضيه لسنوات". وركّز على أنّ "الحرب في سوريا ضربت الاقتصاد اللبناني، ومأساة سوريا أحدثت مأساة لبنان وليس العكس، كما أنّ الانهيار في سوريا سبّب الانهيار في لبنان وليس العكس".
كما كشف شماس عن "تراجع حجم الأعمال في القطاع التجاري بنحو 80% خلال السنوات الأخيرة، ما انعكس فاجعةً على اليد العاملة في القطاع، الّتي كانت تقدّر بنحو 270 ألف عامل". عن تأثير وباء "كورونا" على القطاع، ذكر أنّ "منذ أوّل لحظة، أدركنا مخاطر هذا الوباء واعتمدنا منذ شهر آذار الماضي في متاجرنا أقسى البروتوكولات الصحيّة"، لافتًا إلى أنّ "التباعد الاجتماعي حاصل في متاجرنا تلقائيًّا، لأنّ نصف الموظّفين غادروا وزبائننا قَلّوا. إنطلاقًا من ذلك، نشدّد على أنّ القطاع التجاري ما عاد يتحمّل أي إقفال عام، لذا ندعو لأن تكون سياسة الحكومة مبنيّة على التبَصّر والوقاية والاحتراز والعلم، وليس عن طريق الاستقواء على بعض القطاعات أو تصنيف الأعمال ما بين أساسيّة وغير أساسيّة".