أسِف الوزير السابق فادي عبود، لعدم استفادة المسؤولين في لبنان من تجارب الغير، معتبرًا أنّه "كان من المفترض متابعة التجارب الأوروبيّة فيما يتعلق بالتعامل مع إنتشار جائحة كورونا، فعلى سبيل المثال هل يمكن لأحد أن يجيبنا كيف يساهم منع التجول بالحدّ من إنتشار الوباء؟ وهل هذا هو الحلّ؟.
وفي حديث لـ"النشرة"، سأل عبود: "كيف يتم السماح لمصانع الغذاء والأدوية بالعمل في حين تُقفل معامل التوضيب ومصانع البلاستيك؟ ألا يعلمون أنّ ذلك يؤثر على الإنتاج؟ والأمثلة كثيرة في هذا المجال".
واستغرب عبّود اتخاذ قرارات بالإقفال العام دون أدنى دراسة وفي ظلّ غياب الهيئات الإقتصاديّة عن مصدر القرار، مشيرًا إلى أن "اللجنة المعنية بمتابعة فيروس كورونا لا تضمّ أيّ وزير له علاقة بالشأن الإقتصادي وهذا أمر مستهجن".
وأوضح عبود أنّه "لا يوجد بين أعضاء المجلس الأعلى للدفاع الذين سيجتمعون اليوم أيّ شخص يدفع الرواتب أو لديه خبرة في هذا المجال، وبالتّالي سيكون أيّ قرار صادر عنهم يبتعد عن الرؤية الإقتصادية الصحيحة"، مشيرًا إلى أن "فرنسا أقدمت على اتخاذ قرار بالإقفال العام ولكن في الوقت عينه قدّمت حزمة كبيرة من المساعدات، وستستمرّ في دفع الرواتب للموظّفين كي تبقى العجلة الإقتصاديّة مستمرّة، كما أنّها لم تقفل أيّ مصنع بل على العكس قامت بدعم هذا القطاع، وهذا الواقع ينطبق على معظم الدول في العالم"، معتبرًا أن "تغييب الإقتصاديين عن مركز القرار هو خطأ كبير".
من جهة أخرى، شدّد عبود على أنه "كان بالإمكان تفادي قرار الإقفال لو تم تطبيق الإجراءات والتدابير الوقائيّة بشكل صارم، مع التأكيد أن هناك مخالفات ارتكبتها بعض المطاعم والمؤسسات ولم تلتزم، ولكن كان على الدولة ضبط ذلك بطريقة مدروسة ومن خلال التعاون بين الوزارات المعنيّة ولكن للأسف لم نرَ ذلك"، متمنيا أن "يحتل الجانب الإنساني حيزًا واسعًا في حسابات أصحاب القرار، فلا يجوز معالجة المشاكل بطريقة عسكريّة وترك الناس تجوع".
وتمنّى عبود لو أن السلطات اللبنانية تعلّمت من تجارب تركيا ومصر وغيرها من الدول التي عانت من انهيار في عملتها الوطنيّة واستثمرت ذلك في زيادة صادراتها بشكل ملحوظ، في حين أنّ المعنيين عندنا لم يقوموا بأيّ اجراء ايجابي يتعلق بهذا الملفّ، وكان الأجدى لو تمّ إنشاء هيئة خاصة مع صلاحيات كبيرة كي تعمل على تنمية الصادرات بالسرعة المطلوبة مع الإستفادة من انخفاض كلفة الإنتاج.
وفي سياق آخر، أكّد عبود أن "كل يوم تأخير في تشكيل الحكومة يكلف لبنان خسائر كبيرة وندفع ثمنه من إقتصادنا، والجميع بات يعلم أنّ المساعدات الخارجيّة لن تبصر النور من دون وجود حكومة، وبما أننا في لبنان ارتأينا أن نجرّب "المجرّب" نتمنى أن يكون لدى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري خطّة جديدة تنتشل البلد من أزماته".
وفي الختام، لفت عبود إلى أنّ "لبنان قادر على الوصول عبر المفاوضات الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، ولكن يجب أن نتعامل مع هذا الملف بواقعية وبعيدًا عن الإصطفافات والتجاذبات السّياسية"، كاشفًا أنّ "البلد مهدد مع بداية العام المقبل بخسارة أكثر من نصف مليون لبناني من رجال الأعمال والأطّباء والأدمغة بحثًا عن فرص عمل في الخارج، وهذا أمر في غاية الخطورة".