لم يُقابَل تكليف الرئيس سعد الحريري بتأليف الحكومة الجديدة، بإرتياح طرابلسي ولم يتشجع ابناء عاصمة الشمال كثيراً لعودته الى رئاسة الحكومة بعد استقالته منها قبل عام ، من دون ان يتغير شيء او ان يأخذ عبرة من ثورة تشرين الاول والتي رفضت كل السياسيين من طرابلس الى كل لبنان.
وتؤكد اوساط ناشطة في المجتمع الطرابلسي لـ"الديار" ان الاحباط السني هو حالة عامة في لبنان اليوم، ولكن الإحباط السني الطرابلسي هو في ذروته.
وتقول ان الشعب الشمالي والطرابلسي خرج صادقاً للمطالبة بتحسين اوضاعه الاجتماعية والاقتصادية في بدايات ثورة 17 تشرين الاول، ورغم محاولات سياسيي المدينة ووزرائها ونوابها وفاعلياتها الحزبية والاحزاب الدخول على هذه الثورة لشرذمتها الا انهم لم ينجحوا بذلك لكون خرج الناس صادقين وبمحرك ذاتي ومعيشي صعب.
وتشير الاوساط الى ان هناك تساؤلات جدية من اهل طرابلس وفقرائها الى سعد الحريري والرئيس نجيب ميقاتي واللواء اشرف ريفي والنواب سمير الجسر ومحمد كبارة وكتلة ميقاتي وغيرهم، وصولاً الى ما يحكى عن دور لبهاء الحريري.
ويقولون لهم ماذا فعلتم طوال السنوات الماضية وماذا حققتم للمدينة واهلها غير السعي الى نيل الاصوات الانتخابية وقيادة المشاريع الخاصة من تجارية وشخصية وسياسية خاصة، وصولاً الى "الانبطاح" والتفريط بحقوق السنة وصلاحيات رئيس الحكومة في اتفاق الطائف وليس انتهاءاً بتهميش السنة كمكون وطني اساسي.
وتقول ان الحريري خصوصاً يعزز هذه الممارسة، اي تغليب الطموح الشخصي والسياسي على مصلحة الطائفة السنية عموماً واهل الشمال خصوصاً، ويريدون من اي شخصية سنية اخرى تريد ان تأخذ دوراً ومساحة شمالية ان تقدم ما لديها وان تستمع الى مطالب الناس واوجاعهم والتي زادت وعظمت اخيراً بعد تفشي "الكورونا" في المدينة وتراجع الاعمال وزيادة معدلات الفقر وانتشار البطالة والجوع واستفحال الجريمة والفوضى.
وبناء على ما تقدم، تكشف الاوساط ان متابعة لما انجزته ثورة 17 تشرين الاول لبنانياً وطرابلسياً وان التغيير هو عملية تراكمية وليست آنية، يتشاور نقيب المحامين الحالي ملحم خلف ومجموعة من القضاة والناشطين ومن نخب طرابلس وعائلاتها الناشطة في المجال الاجتماعي والديني والحقوقي ومن كل الاختصاصات لإطلاق تجمع وطني ومدني جديد يتبنى مطالب الثورة ويضع في صدارة اولوياته، تطبيق اتفاق الطائف بالكامل، ويطالب بالغاء
الطائفية السياسية بالكامل والدولة المدنية بمتطلباتها كافة وبالمساواة بين اللبنانيين وبتطبيق اللامركزية الادارية.
وتشير الى لقاءات تعقد دورياً بين بيروت وطرابلس لإطلاق هذا التجمع قريباً، ويضم العشرات من طرابلس وعشرات من مختلف المناطق. وقد يتأخر الاعلان عنه بإنتظار انتهاء الاغلاق الكامل ليكون مكملاً للثورة الشعبية في الشارع، والتي اثبتت انها غير كافية لمقارعة السلطة ومنازلتها بما يكفي لفك القبضة السياسية المستمرة منذ عقود ومن قبل الطبقة الحاكمة نفسها.
وتكشف الاوساط ان طرابلسياً ايضاً، يبدو ان السياسيين في المدينة وكل احزابها قد تعلموا من تجربة 17 تشرين الاول، فيعمدون الى الضغط واسكات كل صوت معارض حالياً، ولا سيما الاصوات الدينية، فتتبين للثوار لاحقاً ان رموز المدينة هم من شنوا حملة تغيير مفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار للامساك بقرار بموقف دار الفتوى شمالاً ومنع استثمارها في الشارع او استماعها لنبض الناس فتبين ان من دفعوا لمهاجة الشعار وازاحتها هم واجهة لسياسيين في المدينة.
وتتوقع هذه الاوساط ان تشن هذه الطبقة السياسية نفسها هجمة جديدة مع عودة الثورة الى تجميع صفوفها في الشارع، وان تعمد الى "شيطنة" التحرك الطرابلسي والوطني النخبوي ومحاولة وأده قبل ولادته رسمياً.