ذكرت معلومات "الجمهورية" إنّ حركة دبلوماسيّة عربية وغربية، واكبت عن كثب مسار تأليف الحكومة، ومجريات اللقاءات المتتالية بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري.
واشارت المعلومات إلى أنّ هذه الحركة الدبلوماسيّة انطلقت في بداياتها، في جوّ تفاؤلي أوحى وكأنّ الحكومة على وشك أن تُشكّل، وعوّلت على المناخ الإيجابي الذي اشاعه لقاء الرئيسين عون والحريري، ولم يتوانَ بعض السفراء عن توجيه إشارات مشجِّعة في اتجاه الرئيسين للإستمرار في هذا المنحى، الّا انّهم فوجئوا بأنّ الإيجابيات التي حُكي عنها كانت وهميّة، وأنّ تأليف الحكومة معقّد ويراوح في "تفاصيل وشروط مصلحيّة لبعض الأطراف، تُغلّب على جوهر الأزمة العميقة التي يمرّ بها لبنان"، وهو ما أبلغه صراحة سفراء أوروبيّون الى مسؤولين كبار في الدولة، وكذلك الى أعضاء في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب".
وبحسب مصادر موثوقة لـ"الجمهورية"، فإنّ هؤلاء السفراء عبّروا امام "نواب لجنة الخارجية" عن استغرابهم "من هذا السلوك الذي يبقي لبنان في هذا الفراغ القاتل، نحن نتحسّس ما يعانيه اللبنانيون، ونرى كم أنّهم يشعرون بالإحباط، ونحن متعاطفون معهم. ولا نرى سبباً لهذا التباطؤ ولهذا التأخير في تشكيل حكومة محدّدة مهمّتها بخطوات إنقاذيّة، انتم تدركون أنّ بلدكم في أمسّ الحاجة إليها، ونحن نسمع العديد من المسؤولين اللبنانيين وهم يتحدثون عن حكومة الفرصة الأخيرة، لكنّنا في الوقت نفسه نرى ما يعاكس ذلك، بما يجعلنا الآن أكثر خوفاً على لبنان واللبنانيين".
ولعلّ اخطر ما تنقله المصادر الموثوقة، هو أنّ احد السفراء توجّه بسؤال الى النواب حرفيّته: "نريد أن نعلم، هل تريدون أن تُنقذوا بلدكم ام لا؟"، واتبعه قائلاً:" نريد ألاّ نصدّق أنّكم تتعمّدون تضييع الفرصة المتاحة لكم، ضاعت الفرصة اولاً مع حكومة السفير مصطفى اديب، ونحن قلقون من أن تضيع هذه الفرصة ايضاً مع الرئيس سعد الحريري، ونخشى أن نتّهمكم بأنّكم لا تريدون أن تنقذوا بلدكم، ونأمل ان تثبتوا ذلك في القريب العاجل، ونتمنى أن تعلموا أنّ الوقت ليس في مصلحتكم".
على أنّ اللافت للانتباه في ما اورده السفراء رداً على استفسارات بعض النواب، هو أنّهم "لا يرون أيّ صلة بين تأليف الحكومة في لبنان، وبين الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الاميركية، فهذه الصلة وجدوها فقط في تصريحات بعض القادة اللبنانيين. فهذه مقاربة غير واقعيّة، إذ لا يوجد أيّ عامل خارجي يمنع اللبنانيين من انجاز استحقاقهم الحكومي بمعزل عن اي تطورات او متغيّرات خارجية، أياً كان شكل هذه التطورات والمتغيّرات، وبالتالي فإنّ الوقت ما زال متاحاً امام اللبنانيين لتجاوز الموانع الداخلية لهذا الاستحقاق".
وربطاً بذلك، لفت السفراء الى "انّ العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الاميركية على رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، هي شأن مرتبط بباسيل حصراً، ومنعزل عن اي عامل داخلي او خارجي، خلافاً لبعض التحليلات والتفسيرات التي اعطت هذه العقوبات أبعاداً ربطتها بالشأن الحكومي اللبناني، علماً انّ هذا الاجراء الاميركي ليس آنياً، بل عمره سنوات من التحضير، ما يعني أنّه سابق للملف الحكومي الحالي، ولحكومة سعد الحريري التي استقالت في العام 2019. ومحاولة الربط بين هذه العقوبات وملف تأليف الحكومة الحالية في لبنان خاطئة".
وخلص الكلام الدبلوماسي الاوروبي، كما تقول المصادر، الى التأكيد على "أنّ العامل الخارجي مساعد في تشكيل حكومة وليس مانعاً له، والمجتمع الدولي، بدءًا من الولايات المتحدة الأميركية وصولاً الى فرنسا والاتحاد الاوروبي، ما زال يحث اللبنانيين على تشكيل حكومتهم، وخصوصاً انّ مرتكز هذا التشكيل لا يزال قائماً، ومتمثلاً في المبادرة الفرنسيّة".