يدخل لبنان السبت المقبل في مرحلة إقفال جديدة تستمر لأسبوعين، ويمكن أن تُمدّد بحال لم تكن النتائج مرضية، ولكن أي نتائج ستكون مرضية والتجاوزات التي تحصل تفوق التصوّر، إذ تتكرر في بعض المناطق حوادث خروج المصابين بفيروس كورونا من أماكن حجرهم، ما يعرّض الأشخاص الذين يحتكّون بهم لخطر انتقال العدوى، وكلّ ذلك يحصل دون حسيب أو رقيب.
حصل مثل هذا الأمر مؤخّراً في بلدتين من قضاء بعبدا، وفي إحدى الحادثتين اللتين علمت بهما "النشرة"، قام أحد المصابين بفيروس كورونا، بالخروج من منزله وفتح محله ومارس عمله بشكل طبيعي جداً، وكأن "الكورونا" لم تكن، وبعد يومين، علم بالأمر أحد أقاربه الذي يعلم بخبر إصابته بالفايروس، فاشتكى لدى البلدية المعنية، التي قامت سريعاً بمداهمة المحل وإغلاقه وإلزام المواطن بالحجر.
أما في الحادثة الثانية في منطقة أخرى، فكانت التفاصيل مشابهة، الأمر الذي يحصل في كثير من المناطق، مع العلم أن في هاتين البلدتين يمكن اعتبار البلديتين قويتين وقادرتين، فكيف هو الحال في المناطق التي فيها بلديّات ضعيفة ومحدودة القدرة؟.
تواصلت "النشرة" مع إحدى هاتين البلدتين، فأشارت مصادرها إلى أنه "لا يمكننا القيام بأكثر من ذلك، وكل ما فعلناه بالمرحلة الماضية كان ضمن قدراتنا، ولكن الأوضاع اليوم تفوق هذه القدرات لأن الأعداد باتت كبيرة واللبناني بطبعه لا يحب الإلتزام، ويبحث عن كل وسيلة للتهرّب، خاصة أنه لا يوجد أيّ إطار قانوني نعمل وفقه، بل كل ما يمكننا القيام به هو إغلاق المحل وإلزام المواطن بالحجر عند اكتشافنا الخروقات".
وتضيف المصادر: "ينقصنا روادع قانونية تجرّم هكذا أفعال، وتكون قابلة للتطبيق، خصوصاً وأن هذه الحادثة كانت ستخلق مشاكل كبيرة في الحي، بين هذا الشخص وجيرانه، ونحن لا يمكن أن نحرس ونراقب كل مصاب في المنطقة، وهذه المسؤولية الفردية يجب أن تكون عند المواطن".
تحدّثت المصادر البلدية عن غياب أي رادع قانوني يجرّم هكذا أفعال ولكن هذا غير دقيق، ولو أن القانون الموجود لم يُطبّق بعد نهائياً، وهذا الرادع القانوني يتمثّل بنص قانون العقوبات بمادته 604، والتي تنص على أنه "من تسبب، عن قلّة احتراز أو إهمال أو عدم مراعاة القوانين أو الأنظمة في انتشار مرض وبائي من امراض الإنسان، عُوقب بالحبس حتى 6 أشهر، واذا أقدم الفاعل على فعله وهو عالم بالأمر من غير أن يقصد موت أحد عوقب بالحبس من سنة الى 3 سنوات فضلا عن الغرامة".
تشير مصادر في قوى الأمن الداخلي إلى أن هذه المادة القانونية لم تُطبّق بعد على أيّ حالة مخالفة في ملف الكورونا، ولكنها استُعلمت للتهديد أكثر من مرّة، مشدّدة على أن العقوبات المفروضة على المخالفين، سواء للحجر أو لوضع الكمامة، تتراوح بين الإنذار ومحاضر الضبط.
وتضيف المصادر عبر "النشرة": "إن هذه المادة القانونية يجب أن تُطبّق لانّ قلّة المسؤولية أحياناً تكون مقصودة، وهذا ما يشكّل محاولة قتل مقصودة، إذ أنّ المصابين الذين يختلطون بالناس يدركون اليوم أنهم سينشرون الفايروس وبالتالي قد يموت أحدهم، وعليه فلا يمكن التساهل مجدّدا.
لا يمكن للبلديات ولا لقوى الأمن الداخلي الإعتماد على وعي اللبنانيين، فهذا الرهان قد سقط منذ أشهر، كما لا يمكن اعتماد مبدأ "الإلتزام بالتراضي"، وبدل أن تلجأ الدولة لإقفال البلد الذي لن يؤدي إلى نتيجة، فلتطبّق القانون وتعاقب المخلّين، عندها يصبح التزام الناس بالحجر ملزماً، لا مجرّد خيار.