أوضحت مصادر واكبت زيارة الموفد الفرنسي باتريك دوريل لـ "الجمهورية" أنّ "الرجل لا يملك عصا سحرية، وانّ الكلام عن تهويل باريس باستخدام عصا غليظة ليس في محله، وإنما ستكتفي بتحذير المسؤولين من المصير الذي سيَلقاه لبنان في حال استمرت المراوحة في التأليف بسبب الأزمة المالية وعدم قدرة الدولة على فَرملة الأزمة المتدحرجة من دون المساعدات الخارجية، خصوصاً مع دخول واشنطن في مرحلة انتقالية في انتظار دخول الرئيس الجديد البيت الأبيض. وبالتالي، من المصلحة اللبنانية الدخول في ستاتيكو التأليف بدلاً من "ستاتيكو" الفراغ وكلفته الغالية على لبنان".
واشارت المصادر الى انّ إطلالة الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله "جاءت لِتُعمِّق مأزق التأليف حتى لو لم يقصد ذلك، لأنه من خلال إشادته بشجاعة رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل وتثمينه موقفه وصموده في مواجهة واشنطن وعقوباتها عليه بسبب تحالفه مع الحزب، أوحى بوقوفه خلف باسيل في التأليف، أي أنه لن يرضى بأيّ تشكيلة لا يرضى عنها رئيس التيار الذي يشترط في وضوح تسمية الوزراء والاحتفاظ بوزارة الطاقة وتوسيع الحكومة إلى 20 وزيراً من أجل انتزاع "الثلث المعطّل"، ومع شروطٍ من هذا النوع لا يستطيع الرئيس المكلف سعد الحريري أن يؤلف حكومة قادرة على انتزاع ثقة المجتمع الدولي بما يفتح باب المساعدات أمام لبنان".
وفي رواية أخرى لـ"الجمهورية"، بحسب مصادر لحركة دوريل، "انّ زيارته هي استطلاعية اكثر منها مهمة، وقد شدد في لقاءاته حتى الآن على استمرار المبادرة الفرنسية ونية الرئيس ايمانويل ماكرون عقد مؤتمر لدعم لبنان خلال هذا الشهر او الشهر المقبل، لكنه ربط ما بين تنفيذ فرنسا وعودها وبين تشكيل الحكومة، متمنياً التعاون مع الرئيس المكلف لتذليل العقبات المتبقية من امام ولادة الحكومة التي رأى انّ توقيتها اصبح اكثر من ضروري وداهِم". وذكرت المصادر انّ دوريل لم يدخل في تفاصيل هذه العقبات في لقاءاته، كذلك لم يأتِ على ذكر ما تم تداوله في الساعات الماضية عن انّ فرنسا تهدّد بفرض عقوبات على من يعرقل تشكيل الحكومة لا من قريب ولا من بعيد، لكنه شدد اكثر غير مرة على ضرورة الاسراع في تشكيل حكومة اختصاصيين من غير المنتمين حزبياً، والاسراع في تشكيل حكومة قادرة على القيام بالاصلاحات الضرورية المطلوبة لوقف الانهيار واعادة اعمار بيروت".
وفي رواية ثالثة لـ"الجمهورية"، نقلاً عن جهات واسعة الاطلاع، انّ دوريل كان واضحاً في بداية لقاءاته امس في توجيه رسالة من الرئيس الفرنسي، تتناول تحديداً واضحاً للعقبات التي حالت دون انطلاق مسار المبادرة الفرنسية القائلة بضرورة تشكيل حكومة مستقلة وحيادية خالية من الحزبيين ومن دون ان يكون لهم اي تأثير على عمل الحكومة في المرحلة المقبلة، وذلك من اجل ضمان نجاحها في مواكبة المراحل الاخرى المتصلة بالاصلاحات الدستورية والادارية والنقدية التي تفاهَمَ عليها ماكرون والقيادات اللبنانية في لقاء قصر الصنوبر، خصوصاً انّ ايّاً منهم ما زال يؤكد التزامه "الصادق" بمضمون المبادرة التي اطلقها ماكرون في 1 ايلول الماضي، وانّ ما جرى الالتزام به أثناء تكليف مصطفى اديب ما زال قائماً مع الرئيس سعد الحريري الذي كلّف المهمة عينها.
ولفتت المصادر الى انّ دوريل طرح في لقاءَيه مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري مجموعة الاسئلة التي شكلت عناوين المبادرة الفرنسية، فردّا عليها بأجوبة قد تكون موحدة بنحو متقارب جداً في الشكل الذي عبرت عنه المعلومات الرسمية التي نشرت عقب اللقاءين، ولا سيما منها تلك المتصلة بمصير التدقيق الجنائي والاصلاحات المطلوبة على اكثر من مستوى لملاقاة ما تقول به المبادرة في مرحلة ما بعد تأليف الحكومة.