قدم رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع كل الاحترام والتقدير لعمل كل الجسم الطبي والتمريضي والاستشفائي والصيدليات، انطلاقاً من الضغط الذي عاشوه منذ أكثر من ثمانية أشهر لغاية الآن إثر انتشار فيروس كورونا، مشيراً إلى أن "البعض ينسى الجسم الطبي والاستشفائي والتمريضي، وهم يذكرونني بالبواخر الكبيرة، اذ يتوجه الناس في الحديث إلى القبطان، والأخير جالس في حجرته، ولو أنه يضع الخطط ويصوّب المسار لكن الباخرة لا تقلع لولا العمال الملطخة أيديهم بالشحم في غرفة التصليحات في الطابق الرابع من الباخرة تحت سطح المياه، ولولا أن هناك أشخاصاً آخرين يهتمون بالغرف، وغيرهم بالبنى التحتية، بدورنا يجب ألا ننسى الذين يعملون في المستشفيات والمختبرات والغرف المغلقة والمكاتب الإدارية".
وفي كلمة له أمام وفد من مصلحة الأطباء في حزب "القوّات اللبنانيّة" لفت جعجع إلى أن "الأشهر الثمانية أو التسعة الأخيرة كانت صعبة جداً، انطلاقاً من فيروس كورونا بحد ذاته، ويا ليت هناك فقط كورونا ولكن للأسف لدينا كورونا بيولوجي وكورونا سياسي، وقد انعكس الأخير صعوبات هائلة في كل المجالات من مستحقات المستشفيات إلى موضوع الأدوات الطبية وتدهور سعر صرف الليرة مروراً بكل ما تبع ذلك من شح في كل شيء تقريباً إلى حد أن الجميع في القطاع الطبي كان يعمل باللحم الحي، لذا تحية كبيرة لهم جميعاً".
وأوضح أن المواطن "ينظر أمامه ولا يرى سوى هذه الوجوه فيشعر وكأنه دخل سجناً أبدياً سرمدياً او أنه في جهنم ومحكوم عليه بتهمة ما لا يدرك ما هي، ولنكن صريحين هو مرتكب في مكان ما حين صوّت لهؤلاء الموجودين في السلطة في الوقت الحاضر، لذلك يشعر المواطن أنه محكوم عليه أن يبقى إلى أبد الآبدين في الوضع الذي يعيشه، وهذا ما يجعل الأمور سوداء في وجهه، الأمر الذي يدفعه إلى التفكير بأمور لم تخطر بباله في لحظة من اللحظات، أي ماذا افعل في هذه البلاد؟ كيفما توجهت هناك مشكلة، والأسوأ أنه لا يبدو في الأفق البعيد أن هناك حلاً لهذه المشكلة". واستطرد جعجع: "مع اعترافي بهذه الصعوبات من كل النواحي، لكن هذا التفكير في غير محله أبداً، لأن الوضع الذي نعيشه اليوم قد يُحل غداً، لماذا؟ لأن تدهور الأوضاع سببه لا يعود إلى الأساسيات الموجودة في البلد، باعتبار أن هذه الأخيرة لا تزال متوافرة وصالحة وسليمة فهي مرتبطة باللبناني كإنسان، لذا ما نعيشه اليوم مرده ليس لأسباب فعليّة وإنما لأخرى كثيرة مرحلية، الأمر الذي يؤكد لنا أن وضعيتنا الطبيعية اليوم يجب أن تكون على ما كانت عليه في ستينيات القرن الماضي".
وأكّد جعجع ان "المشكلة في البلاد تكمن في طريقة إدارة الدولة وهذا جانب منها لأن جوهرها أكبر بكثير"، مشيراً إلى أنه "عندما يدرك المرء سبب ما يعيشه وبالتالي يعلم ما هي النهاية وأين يمكن أن تكون، يستطيع عندها تحمّل الصعوبات التي يمر بها بسهولة أكبر، وبما أننا نعيش اليوم مرحلة مماثلة تماماً فنحن بحاجة لروح مقاومة كالتي كانت لدينا بين الـ٧٥ و٩٠. نحن بحاجة اليوم لروح المقاومة هذه، لأن لبنان مرة جديدة يتعرض، ولو من جهة مختلفة عن تلك التي كانت تضغط في ذلك الوقت، وهي محور المقاومة للسيطرة على شؤون لبنان".
واستطرد جعجع: "لاحظوا كل ما يُطرح، سأعطي أمثلة حسية في هذا المجال: يُحكى عن قانون انتخابي جديد، ونحن في الأمس القريب أقرّينا قانوناً انتخابياً جديداً، فهل يجوز في بلد ما إقرار قانون جديد للانتخابات كل عامين؟ ولاحظوا طبيعة هذا القانون الانتخابي المطروح الذي يأملون منه ان يمكّن محور المقاومة ومن لف لفّه الإمساك بالبلاد. ولاحظوا أيضاً ما يحصل في عملية تشكيل الحكومة اليوم، عبر التمسك بوزارة المالية. ألا يوجد وزارة وازنة غير المالية؟ لماذا التمسك بها؟ لأنهم يريدون التوقيع الثالث، ولكن انتبهوا جيداً، فوزارة المال لا تعطي التوقيع الثالث، هذه بحد ذاتها بدعة فهي لها توقيع كأي وزارة أخرى، ولكنها لا تعطي توقيعاً ثالثاً بالمعنى السياسي للكلمة، ابداً. ولاحظوا أيضاً ما يحصل الآن، فبسبب أن أحد المتحالفين مع محور المقاومة وهو رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل قد فرض عليه عقوبات أميركية، فهم يريدون التعويض عليه عن العقوبات بإعطائه مكاسب في تشكيل الحكومة، الأمر الذي أدى إلى تعطيل تشكيل الحكومة".
وشدد جعجع على اننا في "أمس الحاجة لحكومة جديدة، إلا أنه بالنسبة لمحور المقاومة هذا أمر لا يهم، كما أن الشعب اللبناني سيتضوّر جوعاً، وهذا الأمر أيضاً لا يهمهم، باعتبار أن المهم الوحيد لديهم هو أن يتقدّم محور المقاومة بشكل من الأشكال، محافظاً على حلفائه مهما كانوا فاسدين ويخربّون البلاد، ومهما عاثوا خراباً فيها، وبقدر ما يهربون إلى سوريا، وكل ذلك لا يهم، المهم أن محور المقاومة يواصل تحقيق التقدم أكثر وأكثر، ويقوى أكثر وأكثر".
واعتبر جعجع أن سبب كل هذا هو "ان هناك خطة واضحة لوضع اليد على البلد، لذا مطلوب منا اليوم المقاومة لأننا بوضعية مشابهة للعام ١٩٧٥، خصوصاً وأن الشعب اللبناني يتحمل كل ذلك لان محور المقاومة ينفذ خطة واضحة المعالم لوضع اليد على السلطة في البلد، في حين أنه وللأسف، هناك بعض الكتل والمجموعات السياسية والأحزاب التي لا يهمها ما يحصل، لا تلتفت إلى كل ما يجري في العمق، وجل ما تقوم به هو الاتجاه إلى حيث توجد الجبنة لتأكلها، وسياستها مبينة فقط على هذا الأمر، وهذا أيضاً سبب أساسي أوصلنا إلى ما وصلنا إليه، باعتبار أن محور المقاومة ما كان ليصل إلى ما وصل اليه من قوة لولا التحالفات التي قام بها يميناً ويساراً، وكلياً وجزئياً".
من جهة أخرى، أكد جعجع أن "القوات اللبنانية" ومنذ 17 تشرين 2018 بدأت معاركها في مجلس الوزراء بشأن الموضوع نفسه الذي طرحه المتظاهرون بعد عام في ١٧ تشرين 2079، فنحن حاولنا كثيراً، وأقولها أمام الله والناس والتاريخ، إننا حاولنا كثيراً قبل سنة واثنين وثلاث سنوات من 17 تشرين 2019 تصحيح المسار وتصويب الأمور، وبالرغم من أننا نجحنا في عمل أساسي عبر منعنا إياهم من استئجار باخرتين إضافيتين للكهرباء إضافة إلى البواخر الموجودة حالياً وهذا الملف يشكّل فضيحة العصر فقضيّة الكهرباء منذ عشر سنوات لغاية اليوم اكثر من فضيحة وترقى إلى مصاف جريمة، وبالرغم أيضاً من نجاحنا في تحويل بعض القضايا الأخرى، لم ننجح في تحويل المسار كاملاً عن الهاوية التي كان يتجه نحوها، وأكبر دليل أننا في قعر الهاوية اليوم، التي وقبل وصولنا إليها قلنا لهم: "لا تواخذونا" لقد حاولنا تحذيركم من مغبّة أفعالكم إلا أنكم لم تنصتوا لنا".
وذكّر جعجع أنني "في ٢ أيلول ٢٠١٩ لبيت الدعوة لحضور اجتماع اقتصادي في القصر الجمهوري في بعبدا، وبحضور الرؤساء الثلاثة، ورؤساء الأحزاب، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومسؤولين رئيسيين في الدولة، قلت لهم لا خلاص لنا سوى عبر ابتعادنا جميعاً عن الحكومة وقد صرحت بذلك على الملء عقب الاجتماع أيضاً لجميع اللبنانيين، نحن في طبيعة الحال لا نريد الابتعاد عن السلطة صراحة لأننا قادرون على العمل فيها، لكن كي لا نقول ابتعدوا وحدكم ونحن سنبقى لأن هذا غير منطقي قلنا يجب ان نبتعد جميعاً وحالاً ونأتي بحكومة مستقلين الصفة التي هي اهم من صفة اخصائيين لتتسلم شؤون البلد لعلها تجنبنا الهاوية التي كنا متجهين نحوها، لكن "على من تقرأ مزاميرك يا داود؟"، اندلعت ثورة شعبية و"على من تقرأ مزاميرك يا داود؟" وقع انفجار المرفأ و"على من تقرأ مزاميرك يا داود؟" وسقط ضحيته اكثر من مئتي قتيل وآلاف الجرحى و"على من تقرأ مزاميرك يا داود؟" واستمروا، واليوم يشكلون حكومة تماماً كالتي كانوا يشكلونها منذ عام وعامين وثلاثة وأربعة وخمسة وستة وسبعة وعشرة وخمسة عشرة وعشرين عاماً، وكأنه لم يحصل شيئاً في البلاد، وكأن الوضع بألف خير، وكأن كل شيء على كامل ما يرام".
وشدد جعجع على أن "رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري يحاول اليوم منفرداً تحسين نوعية الحكومة العتيدة إلا أن الفرقاء الآخرين همهم لعبتهم، التي هي اليوم كسر رأس أميركا بغض النظر عما يعاني المواطن اللبناني فهذا غير مهم لهم، يريدون لعب "الكباش" معها وتكسير رأسها و"عيش يا مواطن لبناني إذا كان فيك تعيش". وقال: "مع كل إشراقة شمس هناك "ضربة سخنة" جديدة وهذا الأمر يذكرني بالمثل اللبناني القائل: "الدني وجوه وعتاب" رأينا هذه الوجوه الحالية ونشهد وضعيتها".