في الأسابيع الماضية، كان الحديث في بعض الأوساط السياسية المحلية عن أن ولادة الحكومة العتيدة تنتظر الإنتهاء من الإنتخابات الرئاسية الأميركية، حيث كان رهان بعض الأفرقاء على إعادة إنتخاب الرئيس الحالي دونالد ترامب، بينما رهان الآخرين على فوز منافسه الديمقراطي جو بايدن، نظراً إلى أنّ لكل سيناريو، من وجهة نظر هؤلاء، تداعياته على الساحة المحلية.
على الرغم من الإعلان عن فوز بايدن في هذا الإستحقاق لم يستسلم ترامب لخسارته، لا بل على العكس من ذلك كان يكرر، بشكل شبه يوم يومي، الإعلان عن فوزه، في حين لم تبصر حكومة سعد الحريري النور، بحجة وجود مجموعة واسعة من العراقيل المتعلقة بشكل الحكومة وطريقة تسمية أعضائها، الأمر الذي يدفع إلى السؤال عن التطورات التي تنتظرها معظم القوى المعنيّة بعمليّة تأليف الحكومة؟.
في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنّ الإنشغال الأميركي بالإنتخابات الرئاسيّة لم يمنعها عن متابعة الملفّات الخارجيّة، لا سيما تلك المتعلقة بالشرق الأوسط، حيث التركيز الدائم على ملفّي إيران و"حزب الله"، الأمر الذي يُفسر العقوبات التي ذهبت واشنطن إلى فرضها على رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، بالتزامن مع رفع السفيرة الأميركية في بيروت دورثي شيا من حدّة تحذيراتها، خصوصاً تلك المتعلقة بمشاركة "حزب الله" في الحكومة، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
بالنسبة إلى هذه المصادر، هذا المعطى هو أبرز ما يعيق تشكيل الحكومة العتيدة، بغض النظر عن الخلافات الداخليّة القائمة بين بعض الأفرقاء، حيث تعتبر أن تلك الخلافات من الممكن معالجتها في حال لم يكن هناك من عائق خارجي يحول دون ولادتها، في حين أنّ خشية بعض الشخصيات من فرض الإدارة الأميركيّة عقوبات عليها يحول دون مبادرتها إلى القيام بأيّ خطوة جدّية، لا سيما أن سيف تلك العقوبات مسلط على رقبة الجميع، من حلفاء واشنطن أو خصومها.
ما تقدم يعني، بحسب المصادر نفسها، أن مروحة الإنتظار لن تنتهي في وقت قريب، حيث هناك من يريد أن يرفع السقف عالياً بوجه الضغوط الأميركية: "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، بينما هناك من لا يريد الدخول في أي مغامرة غير محسوبة النتائج: رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، خوفاً من شموله، شخصياً أو عبر مقربين منه، بأي دفعة جديدة من العقوبات، يزداد الحديث عنها يوماً بعد آخر في الأوساط السياسية والإعلامية.
على هذا الصعيد، تلفت مصادر سياسية، عبر "النشرة"، إلى أن أحداً لا يستطيع أن يتوقع ما قد تقدم عليه الإدارة الأميركية برئاسة ترامب في الفترة الفاصلة عن تسلم الإدارة الجديدة، خصوصاً أن المعطيات الراهنة توحي بأنها مستمرة في سياساتها الماضية حتى اللحظات الأخيرة من ولايتها، الأمر الذي يفرض على الجميع التوقف عنده، نظراً إلى أن ليس من السهل على أي شخصية تفرض عليها عقوبات معالجة الأمر.
وتوضح هذه الأوساط أن أبرز المعنيين هو رئيس الحكومة المكلف، الذي يفتقد أيضاً إلى الحاضنة الإقليمية في ظل الموقف السعودي المتشدد على الساحة اللبنانية، بينما لم ينجح الجانب الفرنسي في فرض نفسه لاعباً أساسياً بعيداً عن التوازنات الأخرى، حيث تعتبر أن باريس أيضاً، على ما يبدو، تنتظر تسلم الإدارة الأميركية الجديدة السلطة ليبنى على الشيء مقتضاه، خوفاً من أي خطوة قد تعرقل مبادرتها بدل تسهيل مهمتها.
إنطلاقاً من ذلك، لا تتردد الأوساط نفسها في الحديث عن أن الأزمة الحكوميّة قد تستمر طويلاً، أي إلى ما بعد نهاية العام الحالي، بإنتظار تسلم إدارة بايدن، حتى ولو كان البعض يعتبر أن السياسات الأميركية تجاه لبنان لن تتبدل على نحو بعيد، إلا إذا حصلت تطورات غير متوقعة في الأيام أو الأسابيع المقبلة.