لفتت رئيسة "الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية" كلودين عون، إلى أنّه "مهما اختلفت الأوطان بتاريخها وثقافاتها، بعاداتها وتقاليدها، وبخصائصها وقوانينها، تبقى المرأة في معظم الأوطان، من فئات المجتمع الأكثر تأثّرًا بالأزمات، والأكثر عرضةً للتمييز انطلاقًا من نوعها الاجتماعي ومن هويّتها الجنسيّة".
وأشارت خلال مشاركتها في مؤتمر افتراضي للاتحاد من أجل المتوسط بعنوان "نساء من أجل المتوسط - Women4Mediterranean 2020" الّذي تمحور حول "تسريع العمل للمساواة بين الجنسين خلال جائحة "كوفيد 19"، إلى أنّ "لا شكّ أنّ الحجر المنزلي الّذي فرضته أزمة جائحة "كوفيد 19" الّتي غزت العالم، أعاد إلى الواجهة موضوع العنف ضدّ النساء والفتيات، إذ تزايد بشكل كبير في هذه الفترة. إضافة إلى ذلك، تعثّر توفير الخدمات اللّازمة لضحايا العنف الأسري في ظلّ الإقفال التام الّذي شهدته بلدان العالم".
وركّزت عون على أنّ "في لبنان، رصدت قوى الأمن الداخلي من خلال عدد الاتصالات الواردة على الخط الساخن "1745" المخصّص لتلقّي شكاوى العنف الأسري، ارتفاعًا ملحوظًا في نسبة جرائم العنف. وتجاه هذه الظاهرة الّتي حلّت في ظروف اقتصاديّة فائقة الصعوبة، والّتي فاقمها الإقفال التام للمؤسّسات والإدارات الرسميّة والخاصّة الّتي تقدّم الخدمات لضحايا العنف، اتخّذت "الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية" سلسلة إجراءات سريعة".
وأوضحت أنّ "أولى المبادرات الّتي اتّخذتها الهيئة، كانت إطلاق حملة توعويّة بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي، دعت من خلالها النساء اللواتي يتعرّضن للعنف أو أي شاهد أو شاهدة، إلى عدم التردّد في الإبلاغ عنه عبر الاتصال بقوى الأمن على الخط الساخن، بهدف معالجة الشكاوى بأسرع وقت ممكن وبطريقة سريعة وفعّالة"، مبيّنةً أنّ "بعد ذلك، طلبت الهيئة الوطنية، ووافقت النيابة العامة التمييزية، فتح شكاوى فوريّة للنساء اللواتي يتعرّضن للعنف داخل أسرهنّ، والاكتفاء بالاستماع إلى إفاداتهنّ عبر الهاتف، إذا لم يتمكنّ من الحضور إلى المفرزة القضائية المتخصّصة بسبب الحجر المنزلي الّذي فرضته الحكومة اللبنانية لمواجهة تداعيات الوباء. وتمّ اعتماد هذه الآليّة في تلقّي الشكاوى من قِبل القضاة، وصدرَت قرارات عدّة لحماية الضحايا وأولادهم عبر التقنيّات الافتراضيّة".
كما ذكرت أنّ "الهيئة أجرت دراسة حول أشكال العنف ضدّ النساء والفتيات، من حيث طبيعة هذا العنف ووتيرة وقوعه والموقع الجغرافي لحصوله خلال فترة التعبئة العامة، من خلال استمارات أرسلتها إلى الجمعيّات ومنظّمات المجتمع المدني الّتي تتلقّى شكاوى العنف الأسري". وأفادت بأنّها "عقدت أيضًا اجتماعًا موسّعًا مع الجمعيّات ومنظّمات المجتمع المدني بمشاركة وزارة الشؤون الاجتماعية، واستعرضت التحدّيات الّتي تواجهها تلك المنظّمات في مجال تأمين الحماية للنساء من العنف الأسري، ونسّقت ما بين الجمعيّات وبين المؤسّسات الحكوميّة بهدف مواجهة التحديات الّتي فرضتها الأزمة الصحيّة، وتقديم الخدمات اللّازمة لضحايا العنف، من خدمات طبيّة وقانونيّة واستشاريّة والاستفادة من ملاجئ الإيواء".
ورأت عون أنّه "لا شكّ في أنّ جائحة "كوفيد 19" على الرغم من تداعياتها السلبيّة على مختلف الأصعدة، أعادت ترتيب أولويّاتنا الشخصيّة والمجتمعيّة والوطنيّة، وألقت الضوء على نقاط ضعفنا كأفراد وكمجتمعات، وعلى مكامن الخلل في هيكلياتنا التنظيميّة والإداريّة في مواجهة الأزمات. كذلك أظهرت هذه الأزمة نقاط ضعف ثقافتنا التقليديّة الذكوريّة الّتي تميّز ضدّ النساء والفتيات، وأبرزت ضرورة تطويرها وأهميّة التركيز على العمل لإحقاق المساواة بين المواطنات والمواطنين ممّا يجعل سبل التصدّي للأزمات أكثر فعاليّة".