أشار المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الى "اننا أكّدنا مراراً ونؤكّد دائماً على ضرورة حماية المواطن من خلال حماية الدستور من الطائفية ومن الطبقية السياسية، ومن الاستئثار بالقرار السياسي، ومن لعبة الصفقات، ونسف الثوابت الرئيسية للمواطنة".
واعتبر قبلان أنه "وللأسف هذا البلد تمّ تفصيله في مطابخ الانتداب ووفق مربعات مالية ومصرفية وأصحاب نفوذ لا زالوا يعتاشون على التبعيات المربحة، حتى أضحى المواطن ضحية دستور معطّل، ونظام سياسي فاسد قائم على المحاصصة وكارتلات الأسواق والمصارف، وتبادل المصالح. وما نشهده اليوم من معاناة وقهر وقرصنة واستئثار جعل أكثرية اللبنانيين معدمين، مقابل قلّة تحتكر كل شيء، وكفانا افتخاراً كاذباً بمئوية لبنان، ونحن نعاين بأم أعيننا سقوط البلد، بسبب ماذا؟ بسبب فشل النظام الدستوري الطائفي، فضلاً عن عيوب النظام السياسي القاتلة".
وأضاف قبلان:"من هنا كنا نادينا وما زلنا بضرورة تطوير النظام السياسي اللبناني، للوصول إلى نظام مواطنة حقيقية، نظام يحترم الإنسان، ويحفظ حقوقه، ويكون من أجله، لا من أجل هذه الطائفة أو تلك، أو هذا الزعيم أو ذاك. يجب أن نخرج من هذا النظام ومن آلياته العفنة في إدارة شؤون الدولة، بدءاً من قانون الانتخاب، مروراً بتشكيل الحكومات، وليس انتهاءً بأي وظيفة في مؤسسات وإدارات الدولة".
وأشار المفتي قبلان إلى "أننا نعيش لحظة سقوط مريع للبلد ككل، وكنا قد وافقنا في ما مضى على قضايا لم نكن لنوافق عليها لولا ظروف البلد. أما اليوم، فإننا نطالب بضرورة خلع الوثنية، والمبادرة بتأليف حكومة قوية، حكومة سياسيين واختصاصيين تنهض بالبلد، وليس حكومة أقنعة، فنظام البلد الذي صنعتموه يفرض عليكم ذلك".
ووجه المفتي قبلان الخطاب لمن يعنيهم الأمر بالقول:"لبنان يهوي سريعاً نحو الارتطام، عليكم أن تبادروا سريعاً وفق أولويات بلد ينزف ويحتضر، وإلا فلن يربح الأمريكي، ولن يربح الخارج، ولن يربح لبنان وأنتم ستكونون أول الخاسرين"، محذراً من "لعبة رفع الدعم عن المواد الأساسية، وخاصة حاكم مصرف لبنان، إياك واللعب بنار لقمة عيش اللبناني، لأن هذا الخيار هو بمثابة إعدام لأكثرية الشعب اللبناني الذي تمّ حجز أمواله ونهبه ومصادرة موارده وثروات دولته. والترشيد الانفاقي يجب أن يكون مدروساً بشدة، وليس على حساب من يأكل الخبز ويبحث عن الدواء ويأكل الرز المسموم، بل يجب أن يكون الترشيد الانفاقي على حساب من يأكل بملعقة من ذهب".
واكد أن "حماية لبنان تحتاج إلى حماية الأمن، والأمن يعني القوى الأمنية، يعني الجيش، يعني مخابرات الجيش، بما في ذلك التوازنات الأمنية ومرجعياتها، بمعنى أن أي مراهنة في هذا المجال تعني مشكلة عويصة لن يكون حلّها بيد أحد منكم، فاحذروا. فمشروع الدولة بالعناية الفائقة، واللعبة الدولية الإقليمية تتمركز وراء أقنعة مختلفة، ومن يريد خراب البلد يستثمر باللغة الطائفية، والترويع الطائفي، واللعب بالأموال وأمور خطيرة جداً، بهدف إشعال البلد وقلب توازناته، بخلفية إعادة توظيف لبنان بسياقات مختلفة، والواجب يحتّم علينا حماية مشروع الدولة الضامن لشعبها، فلن نقبل بمقاطعات وفيدراليات ومتاريس وخطوط تماس".
وأضاف :"تداركوا لبنان أيها الساسة، تداركوا شعب لبنان، لأن مزيداً من الترويع والتجويع سيدفع به نحو الانفجار، تداركوا لبنان قبل فوات الأوان، لأن شعبنا الآن يأكل الجمر، ولم يعد يقوى على احتمال الخيانة والذل والنهب والسلبطة والتطويب الدولي ممن نهب البلد وما زال يصر على صفقة بيع الوطن".