أشار رئيس جمعية عدل ورحمة الأب نجيب بعقليني، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن "عملية الهروب الجماعي من نظارة سجن بعبدا تطرح علامات استفهام وتأويلات عديدة، والمطلوب الوصول إلى تحقيق شفاف لكشف ملابسات ما حصل، ولكن للأسف في لبنان العديد من القضايا تبقى طيّ الكتمان دون الوصول إلى نتيجة".
ولفت بعقليني إلى "أننا كجمعية نعلم أن السجين منذ لحظة توقيفه يبدأ بالتفكير بكيفية الخلاص من السجن وهذا أمر طبيعي، وقد يكون لدى الفارين من سجن بعبدا اعتبارات ما يظنون أنّها شرعية، كونهم لم يجدوا متابعة لقضاياهم طيلة فترة توقيفهم، ولكن الفرار له مضاعفات سلبيّة عليهم وقد تزيد من عقوبتهم".
وأوضح بعقليني أنه "قبل العام 2011 وبدء النزوح السوري إلى لبنان لم نكن نعاني من مشكلة الاكتظاظ في السجون"، كاشفًا أنّه "مع بدء النزوح وارتفاع نسب الجريمة بالإضافة إلى الإرهاب بدأت المشاكل في هيكليّة السجون نتيجة الاكتظاظ، واليوم يشكّل السوريون حوالي 28 بالمئة من السجناء في لبنان والأجانب أكثر من 14 بالمئة بينما يشكّل اللبنانيون حوالي 58 بالمئة".
وحمّل بعقليني "جميع المسؤولين لاسيّما مجلس النواب، والحكومات المتعاقبة، والوزارات والإدارات المعنيّة، والقضاء، تبِعات عدم اهتمامهم الجدّي، ورعايتهم الكافية وعملهم الحثيث لقضية السجون والسجناء وعائلاتهم، من خلال تحديث أصول المحاكمات الجزائيّة، والسرعة في المحاكمات، وإشراك وزارة العدل بإدارة السجون بطريقة عصريّة، مبنيّة على التأهيل لا على العقاب وبمشاركة أهل الاختصاص كعلماء النفس".
وذكّر الأب بعقليني بأن "الحلول موجودة وأبزرها الاستمرار بتأهيل السجناء مما يساهم في تخفيض العقوبات في بعض الحالات، بالإضافة إلى دمج الأحكام مرورًا بتسريع المحاكمات والعقوبات البديلة، ومشروع السوار الالكتروني ليكمل السجين عقوبته في الخارج، وصولًا إلى اعفاء السجناء غير القادرين على دفع الغرامات، كل هذه الأمور كفيلة بمعالجة مسألة الإكتظاظ".
من جهة أخرى، اعتبر بعقليني أن "هناك انقسامًا في المجتمع اللبناني حول موضوع العفو العام، وكل فريق ينظر إلى الموضوع من زاوية معينة إما سياسية أو طائفية أو مناطقية، وللأسف لا تتم المقاربة بطريقة إنسانيّة"، مشيرًا إلى أن "الأمر طُرِح إبّان الانتخابات النيابية في العام 2018 وكانت هناك وعود لأهالي الموقوفين، بينما هذا الموضوع بحاجة إلى تحضير على أكثر من مستوى، خصوصًا لجهة تأهيل السجناء لمساعدتهم في العودة إلى الحياة الطبيعية"، معتبرًا أن "على المجلس النيابي أن يقارب هذا الملف بطريقة مدروسة من النواحي الاجتماعية والإنسانية والأخلاقية بعيدًا عن البازارات السياسية".
وشدّد بعقليني على أن "ما يهمّنا في الجمعيّة هو التأهيل والعمل التعويضي للسجين، وهناك طرق ووسائل يجب أن يقوم بها، والعفو العام بحسب ما نرى لا يعطي النتيجة المتوخّاة منه، خصوصًا أنّ أهالي الضحايا مثلا يرفضون العفو وبالتالي المجتمع غير جاهز حتى الآن"، موضحًا أن "الجمعية لديها مركز إيواء في منطقة الرابية لاستقبال السجناء الذين انهوا مدة عقوبتهم ولا يملكون مكان إقامة، ونكمل مسيرة التأهيل التي بدأناها في السجن".
ورأى بعقليني أنّ "القضاء مقصّر لعدة أسباب، منها ما يتعلق بأمور داخلية لديه لناحية عدم وجود الإمكانيات والوسائل الأساسية لمتابعة الملفّات، وهناك عوائق لوجستيّة لجهة تجهيز المحاكم، خصوصًا في فترة وباء "كورونا" بحيث لا يوجد إمكانية كبيرة لإجراء المحاكمات عن بُعد، وفي الآونة الأخيرة بدأوا باستخدام المحكمة في رومية التي كلّفت أموالا طائلة لتجهيزها".