لا يمرّ يوم في بعلبك على خير، فالرصاص بات شريك البقاعيين في حياتهم، وفي ظرف أسبوع واحد، حصلت في بعلبك 4 إشتباكات، لكل منها أسبابها الخاصة، ولكن كل تلك الأسباب تتشابه من حيث المضمون. مطلوبون يشتبكون، تتضخّم المعارك، فتدخل العشائر في صراعات.
في نهاية الأسبوع الماضي، عند تقاطع حوش السيد علي تعرّض "فان" لإطلاق نار، ما استدعى الرد "على هذا العمل الحربي"، فاندلعت الإشتباكات وأسفرت عن سقوط 3 جرحى، قبل أن يتدخل الجيش اللبناني لوقف المعارك.
تشير مصادر بقاعيّة مطّلعة إلى أن أغلب الإشتباكات التي تحصل تبدأ من احتكاك مطلوبين بعضهم ببعض، على خلفيّات عمليّات سرقة أو بيع مخدّرات أو حتى خلافات شخصيّة بينهم، والبداية تكون عبر تبادل التهديدات على تطبيق "الواتساب"، ثم تنتقل لتصبح مواجهة مباشرة بين الطرفين، وبعدها تنتقل إلى اشتباكات مسلّحة، عادة ما لا يتم فيها إطلاق النار على الطرفين بشكل مباشر، فتقع القرى والبلدات البقاعيّة تحت مرمى النيران لساعة أو أكثر، دون أن يحرّك أحد ساكناً.
وتضيف المصادر عبر "النشرة": "منذ فترة اندلعت معركة بين مطلوبين اثنين على خلفية تأخر أحدهما عن الدفع في عمليّة بيع مخدّرات، وانسحبت القضيّة على عشيرتي المطلوبين، كون في العشائر نسبة قليلة من "الرؤوس الحامية" القابضة على زناد سلاحها بانتظار إطلاق النار"، مشيرة إلى أنّ هذه الأحداث تتكرّر كثيراً ولا تتوقف إلاّ بعد تدخل "الكبار" في العشائر".
بداية الأسبوع الجاري حصلت اشتباكات مسلّحة في بعلبك، بطلها أحد الشبان المطلوبين، الذي اتّهم "سارق" بسيط، بسرقة هاتف والده، تقول المصادر، مشيرة إلى أنّ المطلوب ألقى القبض على السارق، وضربه وصوّره، ثم توجّه إلى حيّ إحدى العشائر الكبيرة وأطلق الرصاص في الهواء على اعتبار أنّ من يحمي السارق هو أحد أبناء هذه العشيرة. وتقول المصادر: "بعدها تحرك إبن العشيرة للردّ وأطلق الرصاص على المحالّ التجارية لأقارب المطلوب الذي افتعل الإشكال، وهكذا كانت ليلة ناريّة في "مدينة الشمس"، تحمّل خلالها السكان خطر الرصاص والقذائف الصاروخية، لأجل "هاتف مسروق".
تلفت المصادر النظر إلى أنّ من يقومون بأعمال التخريب في البقاع معروفون لدى الجميع، وتحديداً الأجهزة الامنيّة الّتي لا تريد التحرك، خصوصاً وأنها على علم بأسمائهم، عناوينهم، عملهم، طرق تنقلاتهم، وكل ما يلزم لتوقيفهم، متسائلة عمّا اذا كان هناك من يصدّق أن وسائل إعلاميّة تتواصل مع المطلوبين وتجري المقابلات معهم، والدولة لا تملك المعطيات الكاملة عنهم لتوقيفهم؟!.
إن هذا الواقع السيّء الذي يعيشه البقاعيون دفع بالنائب جميل السيّد لإعادة التذكير بالضابط السوري علي ديب، الذي كان يعمل بالمخابرات السوريّة وكيف تمكّن من فرض النظام في البقاع عبر السيطرة بالقوّة على "زعماء" العشائر، حيث اعتمد سياسة التخويف، وجعل هؤلاء الزعماء يتحمّلون مسؤوليّة كل خللٍ أمني يقوم به أحد أفراد عشيرتهم، ما جعلهم يسلّمون المخلّ بالأمن بأنفسهم إلى السوريين.
إن هذا التذكير يُزعج أهل البقاع، تقول المصادر، مشيرة إلى أنها تريد من الدولة اللبنانيّة لعب دورها المطلوب منها، والذي يقوم على أساس تطبيق القانون وفرض النظام وإعطاء الحقوق لأصحابها، مشددة على أنّ البقاع جزء من الدولة، وكما للدولة حقوقها، عليها واجبات، ولا يمكن فصل الأمرين عن بعضهما البعض.
سئم البقاعيون واقعهم الأسود، وباتوا بأمّس الحاجة إلى التغيير، وإلاّ سيأتي يوم، لم يعد بعيداً، قد يخرج كل البقاع عن سلطة الدولة.