حطّم الأسير ماهر الأخرس (49 عاماً) عنجهية سلطات الاحتلال الإسرائيلي، مُسجّلاً انتصاراً جديداً لنضال الحركة الأسيرة في سجون المُحتل.
فقد تنفّس الحرية أمس (الخميس)، بعدما حقّق صموداً أسطورياً في "معركة الأمعاء الخاوية" بإضرابه عن الطعام، على مدى 103 أيام، رفضاً لاعتقاله الإداري، يوم الاثنين في 27 تموز/يوليو 2020، وصموده بوجه كل المُمارسات والضغوطات القمعية أو الإغراءات الاحتلالية، إلى أنْ تمَّ التوصّل لاتفاق مع مُخابرات الاحتلال، يوم الجمعة في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، يقضي الالتزام بالإفراج عنه يوم الخميس في 26 تشرين الثاني/نوفمير 2020، وعدم تجديد أمر اعتقاله على أنْ يُتابع علاجه في "مُستشفى كابلان" بمدينة روحوفوت داخل الأراضي المُحتلة في العام 1948، الذي كان قد نُقِلَ إليه بداية شهر أيلول الماضي، قبل أنْ يُفرج عنه عند
السادسة من صباح أمس، حيث قامت سيارة إسعاف تابعة لـ"جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني" بنقله إلى "مُستشفى النجاح" في مدينة نابلس لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة له، قبل أنْ يصل إلى مسقط رأسه قرية سيلة الظهر - جنوب مدينة جنين في الضفة الغربية، حيث أُقيم له استقبال حاشد.
وأكد الأسير الأخرس بعد تحرّره أنّ "الاحتلال لن يكسر إرادة الفلسطينيين، وسنبقى واقفين صامدين، ونُواصل النضال ضد الاحتلال".
وتوجّه بالشكر إلى "كل مَنْ تضامن معنا من شعبنا الفلسطيني وأحرار العالم".
فقد حمل أمس يوماً جديداً للأسير الأخرس في الحرية خارج سجون الاحتلال، الذي يعتقل أكثر من 5 آلاف أسير، بينهم نوّاب وقادة ورجال دين ومُناضلون، فضلاً عن نساء وأطفال وقُصّر، بعضهم ما زال يمضي عقوداً من الزمن في سجون الاحتلال، مُتنقّلين بينها، والتي شهدت تغيير سجّانين وحتى أبواب وأقفال الزنازين، مع تسجيل استشهاد 222 أسيراً خلال سجنهم.
لقد جسّد الأسير الأخرس مدرسة الصبر والعزّة بانتصارات مُتعدّدة، لجهة تأكيده التمسّك بحريّته ورفض سياسة الاعتقال الإداري التي يُمارسها المُحتل من دون أي مُحاكمة، ويُقدم على تمديدها، حيث ما زال في سجونه أكثر من 350 سجيناً إدارياً.
كذلك إفشال مُخطّط الاحتلال ومُحاولاته إجبار الأسرى المُضربين عن الطعام عن فك إضرابهم عنوةً وهو ما أُفشل مُجدّداً، ليبقى الباب مفتوحاً أمام احتمالات تجدّد إضراب الأسرى عن الطعام ضد مُمارسات الاحتلال وتعذيبه وحجز الحرية، التي تُخالف كل الأعراف والمواثيق والقرارات والشرائع الدولية، وهو ما يلقى إدانة لتجاوزات المُحتل، لتُضاف إلى سجل انتهاكاته وخروقاته.
وقد رفضت سلطات الاحتلال الإفراج عن الأسير الأخرس مرّات عدّة، مُنذ إعلان إضرابه عن الطعام، بعد اعتقاله وتدهور حالته الصحية ووصولها إلى وضع حرج، وضعف شديد جرّاء مُعاناته من ضغط الدم، لكنّه تحمّل مخاطر الوصول إلى الموت.
الأخرس مُتأهّل ولديه 6 أبناء، ويعمل في الزراعة، وكان قد اعتُقِلَ من قِبل قوّات الاحتلال مرّات عدّة، أولها في العام 1989، ثم 2004، 2009، 2018 و2020.
وتُعتبر "معركة الأمعاء الخاوية" أسلوباً بالإضراب عن الطعام، ضد قمع الاحتلال ومُمارساته، حيث سجّل أطول فترة إضراب عن الطعام نفّذها الأسير سامر طارق العيساوي، في 1 آب/أغسطس 2012، واستمرَّ 265 يوماً، وأجبر سلطات الاحتلال على الالتزام بالإفراج عنه في 23 كانون الأول/ديسمبر 2013، وأُبعِدَ إلى قطاع غزّة.
وكانت أوّل فتاة تخوض أطول إضراب عن الطعام، هي هناء يحيى شلبي، في 16 شباط/فبراير 2012، واستمرَّ 44 يوماً، حيث أُطلِقَ سراحها، في 30 آذار/مارس 2012.
وسُجّلت أوّل تجربة فلسطينية بالإضراب عن الطعام في سجون الاحتلال في "سجن نابلس" في بداية العام 1969، واستمرَّت لمُدّة 3 أيام.
وكانت أوّل ملحمة في "معركة الأمعاء الخاوية" في "سجن نفحة الصحراوي"، الذي افتُتِحَ في 1 أيار/مايو 1980، حيث نُفِّذَتْ بالتنسيق مع مُعتقلي "سجن عسقلان" و"سجن بئر السبع المركزي" في 14 تموز/يوليو 1980، واستمرَّ حتى 15 آب/أغسطس 1980، وكان في طليعة قادة الأسرى أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" اللواء جبريل الرجوب.
وأصدر المُفتي العام للقدس والديار الفلسطينية ورئيس مجلس الإفتاء الأعلى الشيخ محمد حسين، في 9 آب/أغسطس 2015، فتوى تُجيز للأسرى المُضربين عن الطعام في السجون الإسرائيلية، مُقاومة التغذية القسرية، بعدما صادق "الكنيست" في 30 تموز/يوليو 2015، على مشروع قانون "التغذية القسرية للأسرى الفلسطينيين المُضربين عن الطعام" في حال "تعرّض حياتهم للخطر".