قبل أيام قليلة من نهاية الإقفال التام، الذي كان محل أخذ ورد قبل إعلانه، قد يكون من المفيد السؤال عن "الإنجازات" التي تحققت خلاله، لا سيما أن الأرقام المعلنة من قبل وزارة الصحة العامة، بالنسبة إلى أعداد الإصابات، لا توحي بأنه نجح في خفضها أو في خفض نسبتها بالمقارنة مع أعداد الفحوصات التي تحصل.
في هذا السياق، أظهر التقرير اليومي، الصادر أول من أمس، أن نسبة إيجابية الفحوصات، خلال 14 يوم المنصرمة، لا تزال بحدود الـ15%، بينما عدد الإصابات المحلية الذي سجل كان 1846، ما يعني أن الأمور لا تزال على حالها، ولم ينجح الإقفال في تحقيق الهدف المعلن في خفض النسبة إلى حدود 10%.
من حيث المبدأ، "الإنجاز" الأساسي الذي يمكن الحديث عنه، على المستوى الصحي، هو زيادة عدد الأسرّة، 60 في المستشفيات الحكومية و34 في المستشفيات الخاصة، التي وافقت بالدخول إلى قلب المعركة بعد أن حصلت على بعض ما كانت تطالب به في الماضي، الأمر الذي كان من الممكن أن يحصل قبل ذلك، فيما لو قامت الجهّات المعنيّة بما هو مطلوب منها على هذا الصعيد، وبالتالي عدم الذهاب إلى هذا الإقفال، بما حملَه من تداعيات اقتصاديّة، في ظلّ الأوضاع المحليّة المعروفة التي لا تجوز مقارنتها مع أيّ دولة أخرى، لا سيما إذا كانت هذه الدولة تقدّم المساعدات إلى مواطنيها.
في هذا الإطار، الإقفال الذي يقود إلى خفض عدد الإصابات، بحسب منظمّة الصحة العالمية، من المفترض أن يكون ما بين 4 و6 أسابيع، الأمر الذي كان يدرك أغلب المسؤولين عدم القدرة على الذهاب إليه، ليكون الحل بالإقفال لمدة اسبوعين الذي لم يعطي أيّ نتيجة عمليّة، ما يعني فشل الإقفال الأخير في محاولات التغطية على التقصير، نظراً إلى أن أحداً لا يتوقّع الذهاب إلى مثل هذا الخيار من جديد، ليبدأ الحديث عن إجراءات إعادة فتح البلاد من جديد، التي أيضاً لم تطبّق بالشكل المطلوب في الماضي.
ما تقدم، يدفع إلى السؤال عما إذا كانت البلاد ستكون على موعد، في الأيام المقبلة، مع إجراءات صارمة تفرض على المخالفين الالتزام بالإجراءات المطلوبة، أم أنها ستعود إلى "الصراخ" من جديد بسبب فشلها، أو الذهاب إلى تجربة المزيد من الحلول "العظيمة" التي سبقت الإقفال التام، كالإقفال الجزئي الذي لم يحقّق أيّ نتيجة تذكر، بينما كان يوصف من قبل المسؤولين بـ"الناجح" قبل أن يعودوا إلى الاعتراف بحقيقة الواقع.
أول من أمس، أعلن رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان طوني الرامي، في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي، أن أكثر من 2000 مؤسسة تتعاطى الطعام والشراب لن تستطيع فتح أبوابها مجدداً، بسبب الخسائر الفادحة والتعثّر المالي، ما يهدّد الآلاف من أرباب العمل والموظفين بخسارة عملهم وانضمامهم إلى صفوف العاطلين عن العمل، فهل هذه النتيجة التي كان يُراد تحقيقها لتغطية فشل المعنيين في مواجهة فيروس كورونا؟ من دون تجاهل التداعيات التي تركها الاقفال على الآلاف من العمّال المياومين.
هذا الفشل، يمتدّ ليشمل الكثير من الأمور الأخرى التي من الممكن الحديث عنها، لا سيّما على المستوى التعليمي، بعد أن ظهرت كوارث التعليم عن بعد، نتيجة عدم القيام بالإجراءات المطلوبة قبل الوصول إلى إعلان الإقفال التام، في حين أنّ الفشل الأكبر على المستوى السّياسي، خصوصاً على مستوى تشكيل الحكومة المقبلة، سيقود إلى كارثة حقيقيّة لا يتنبّه لها بعض الساعين إلى زيادة حصصهم الوزارية، أو الطامحين إلى إقرار قانون انتخابي جديد.
في المحصّلة، "الانجاز العظيم" الذي يمكن الحديث عنه مع قرب انتهاء الاقفال التام يكمن بأعداد محاضر الضبط التي سطّرت خلاله، بالرغم من الكثير من المشاكل التي حصلت بسبب الإجراءات المعتمدة، في حين فشلت كلّ محاولات التغطية عن التقصير الذي حصل على مدى الأشهر الماضية.