يُسابق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الوقت لتكريس ما ناله من هبات قدمها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وما صدر من قوانين في «الكنيست»، وقرارات اتخذتها الحكومة، لفرضه كأمر واقع، استباقاً لتسلم الرئيس الأميركي جو بادين مقاليد الحكم في 20 كانون الثاني/يناير 2021.
وعلى الرغم من العلاقات الوطيدة التي تربط نتنياهو وترامب، إلا أنه كان لافتاً تلقي نتنياهو اتصالاً من الرئيس الأميركي المُنتخب بايدن، يوم الثلاثاء في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، هو الاتصال الهاتفي الأول مُنذ فوز الرئيس الأميركي، والذي شمل أيضاً حليف ترامب الآخر، رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
كذلك يُحضر نتنياهو لانتخابات «الكنيست»، التي من المُتوقع إجراؤها، لتكون الرابعة خلال أقل من عامين، في ظاهرة غير مسبوقة في الحياة السياسية داخل الكيان الإسرائيلي، يُحاول المسؤولون الإسرائيليون التهرب من تبعات تحمل مسؤولية الدفع لإجرائها، ما ينعكس سلباً عليهم في نتائج الاقتراع.
هذا في ظل تفاقم جائحة «كورونا» التي تحصد المزيد من الوفيات والاصابات، والضائقة الاقتصادية التي ارتفعت معها أعداد المُتظاهرين في مُختلف الساحات خاصة، أمام مقر إقامة نتنياهو في القدس الغربية المُحتلة أو منزله بمدينة قيسارية، مع استمرار تراجع شعبيته، وفق استطلاعات الرأي، التي أفقدت حزب «الليكود» الذي يترأسه، 7 مقاعد، لتعطيه 29 مقعداً فيما يتمثل الآن بـ36 مقعداً.
يعني ذلك أنه لن تكون لديه أكثرية تمكنه من تشكيل الحكومة بشكل مُريح، والتي تحتاج إلى 61 صوتاً مع مُحافظة حليفيه في أحزاب «الحريديم» على 16 مقعداً، حيث يتوقف عدد مُؤيديه على 45 صوتاً، فيما يحظى حالياً بتأييد 52 نائباً، فاحتاج إلى تحالف مع مُنافسه رئيس حزب «أزرق أبيض» بيني غانتس الذي كان يتمثل حزبه بـ33 مقعداً من خلال استحداث منصب رئيس الوزراء البديل ونائب له، وهو أمر جديد في السياسة الإسرائيلية، بمُوجب اتفاق يتولى فيه نتنياهو الرئاسة لمُدة 18 شهراً، على أن يتولى غانتس مهام نائب الرئيس، في أوّل مركز استحدث، وبعد ذلك، الرئاسة اعتباراً من يوم الأربعاء في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2021 ولمُدة 18 شهراً، وهو ما عرف باسم «قانون التناوب»، صادقت عليه «الكنيست»، يوم الخميس في 7 أيار/مايو 2020.
لكن المعضلة التي تُواجه ائتلاف نتنياهو - غانتس حالياً، رفض الأول طرح إقرار المُوازنة للعام 2021، ما يُهدد الائتلاف بين الخصمين المُتحالفين، تهرباً من تسليم نتنياهو الحكم إلى غانتس.
وهو ما دفع غانتس إلى أن يُعلن عن تشكيل لجنة تحقيق خاصة في قضية الغواصات المُرتبطة بصفقة أبرمت مع ألمانيا لشراء غواصات ومعدات غوص حربية، يُتهم نتنياهو بقبض رشاوى فيها.
وعين غانتس، القاضي المُتقاعد آمنون ستراشنوف لرئاسة اللجنة، بعد مُشاورات أجراها مع مسؤولين أمنيين وقضائيين سابقين، أطلعهم خلالها على المعلومات المُتوفرة لديه بخصوص القضية.
ومنح غانتس أعضاء اللجنة 4 أشهر لتقديم التقرير النهائي، وأمرهم بالعمل مع جميع الخبراء المُهنيين في وزارة الدفاع، وأنه يجب عليهم أداء عملهم بصورة مُستقلة دون أي تدخل سياسي.
هذا ويُواجه نتنياهو المُحاكمة بـ3 قضايا وجه إليه فيها المُستشار القضائي للحكومة أفيحاي مندلبليت، مع زوجته سارة، تهماً بملفات تتعلّق بـ«الرشوة، الاحتيال وخيانة الأمانة، معروفة باسم «الملف 1000»، «الملف 2000» و«الملف 4000»، تتراوح مُدة العقوبات فيها في حال الإدانة، بين 3-10 سنوات.
وقد خضع نتنياهو بين 4 و7 تشرين الأول/أكتوبر 2019، لاستجواب في مقر وزارة القضاء الإسرائيلية في القدس.
إلى ذلك، أظهرت آخر، فضلاً عن نيل «الليكود» 29 مقعداً، حصول حزب «يمينا» المُنافس برئاسة نفتالي بينيت على 23 مقعداً، علماً بأنه يتمثل حالياً بـ6 مقاعد.
وسيحصل «ييش عتيد - تيلم» برئاسة يائير لبيد على 19 مقعداً، علماً بأنه يتمثل حالياً بـ17 مقعداً، فيما استمر تراجع حليفه السابق رئيس حزب «أزرق أبيض» بيني غانتس، الذي يتمثل حالياً بـ14 مقعداً، ليحصل على 9 مقاعد.
كما سجل تراجع حزب «شاس» عن الاستطلاعات السابقة ليحصل على 8 مقاعد، بدلاً من 9 يتمثل بها الآن.
بينما سيحصل حزب «إسرائيل بيتنا» برئاسة أفيغدور ليبرمان على 8 مقاعد، مُضيفاً مقعداً جديداً على المقاعد الـ7 التي يتمثل بها حالياً.
فيما حافظت كتلة «يهدوت هتوراة» على 7 مقاعد.
بينما يفقد تحالف «العمل - غيشر - ميرتس» مقعداً ليستقر على 6 مقاعد بدلاً من 7 الحالية.
في ضوء ذلك ظهر أن قوة أحزاب «الليكود» «الحريديم» تصل إلى 45 مقعداً، فيما تتمثل في «الكنيست» الحالي بـ52 مقعداً.
لكن اللافت، سيطرة حالة التخبط على «القائمة العربية المُشتركة» برئاسة أيمن عودة، التي تتمثل حالياً بـ15 مقعداً، فأعطتها الاستطلاعات 11 مقعداً، في ظل مُحاولات نتنياهو إحداث انقسام داخلها، مركزاً على نائب رئيس «الحركة الإسلامية» منصور عباس، الذي وافق على إلغاء نتيجة التصويت في الهيئة العامة لـ«الكنيست» عندما تمت المُصادقة على تشكيل لجنة تحقيق برلمانية في قضية الغواصات.
يُخشى فقدان «القائمة المُشتركة» لفعالياتها، بعدما كانت تشكل «بيضة قبان» خاصة في «الكنيست» الحالي، وأن يُؤدي ذلك إلى تشتت أصواتها، علماً بأنها نالت 581.507 صوتاً - أي ما نسبته 12.67% من أصوات المُقترعين، البالغ 4.612.007 - أي ما نسبته 71.47%، من بين عدد الناخبين البالغ 6.453.255، وهي أعلى نسبة مُشاركة مُنذ مُدة طويلة.