يؤشر الأداء الأميركي – الإسرائيلي في المنطقة، الى أنها آيلة الى مزيد من التصعيد، خصوصاً بعد إغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده في الساعات الفائتة. وقبلها بأيامٍ قليلةٍ قيام العدو الإسرائيلي بتنفيذ سلسلة اعتداءاتٍ على سورية، طاولت منطقة جنوب دمشق. كذلك إستقدام واشنطن لقاذفات "بـ 52" الاستراتجية العملاقة إلى الشرق الأوسط في الأيام القليلة الفائتة. أضف إلى ذلك، جاء أخيراً تحرك حاملة الطائرات "يو إس إس نيميتز" إلى منطقة الخليج مع سفن حربية أخرى، بهدف توفير الدعم القتالي والغطاء الجوي مع انسحاب القوات الأميركية من العراق وأفغانستان بحلول 15 كانون الثاني المقبل، بحسب تأكيد مسؤول في البنتاغون. وتأتي هذه التطورات في ضوء حدوث توتراتٍ متزايدةٍ بين واشنطن من جانب، ومحور المقاومة، خصوصاً في العراق، من جانب آخر، بالإضافة إلى أنباء غير مؤكدة عن إمكان حدوث هجوم أميركي محتمل على إيران، قبيل انتهاء فترة الرئيس دونالد ترامب.
إذاَ تؤشر التطورات المذكورة آنفاً الى أن المرحلة المقبلة، أي ما تبقى من ولاية ترامب، ستكون مقلقةً جداً، خصوصاً في ضوء ورود معلومات شبه مؤكدة، عن أن هناك توجه لدى الثلاثي ترامب – نتنياهو- بن سلمان في دفع الأمور إلى مزيدٍ من التصعيد في وجه محور المقاومة في المرحلة المذكورة، بالتالي تعقيد الأوضاع في المنطقة، قبل تسلم الإدارة الأميركية الجديدة زمام الحكم، برأي مرجع في المحور المذكور. ويعتبر أن الأوضاع في لبنان ليست في منأى عما يحدث من حوله. لذا يستمر الفراغ الحكومي، ويرتفع معه منسوب الضغوط الاقتصادية على البلد، نظراً للارتباط بين هاتين الحالتين، لأن تشكيل الحكومة المرتقبة، قد يسهم في حلحلة الوضع الإقتصادي الضاغط على الشعب اللبناني، بعكس ما تشتهي إرادة الثلاثي المذكور، الذي يسعى الى ممارسة المزيد من مختلف الضغوط الاقتصادية والأمنية على محور المقاومة، ومنها لبنان، في محاولةٍ لإنهاكه، ثم دفعه إلى الجلوس إلى طاولة مفاوضات تتعلق بشؤون المنطقة ككل، كترسيم الحدود بين لبنان والكيان الإسرائيلي، الملف السوري، وتطور العلاقات الروسية- الصينية- الإيرانية، بما يتناسب ومصالح هذا الثلاثي، طبعاً، هذا وفق حساباته أيضاً، ودائماً بحسب تأكيد المرجع عينه.
وانطلاقاً مما ورد آنفاً، يرجّح المرجع أن تستمر شتى أنواع الضغوط على لبنان، ولا يستبعد أن تتطور إلى أعمالٍ أمنيةٍ، بدأت ملامحها في الظهور في البقاع وبشري، كذلك امتدت شرارتها إلى طرابلس أيضاً، حيث أقدم بعض الشبان على منع باصات نقل الركاب بين طرابلس وقضاء بشري من الركون في الأولى، رداً على الاعتداءات التي طالت النازحين السوريين في مدينة بشري، أثر مقتل الشاب جوزف طوق، على يد عامل سوري في الأيام القليلة الفائتة. ويشدد المرجع على ضرورة مواكبة هذه المرحلة الصعبة بأقل ضرر ممكن، داعياً إلى تضافر جهود مختلف المكونات اللبنانيين لاجتياز هذه المرحلة، التي قد تستمر إلى ولوج المنطقة تسويةٍ جديدةٍ بين القوى الدولية والإقليمية الفاعلة والمؤثرة في هذه المنطقة، تحديداً الولايات المتحدة، روسيا، إيران، وتركيا، ليتحدد مع ذلك مهمة لبنان الجديدة في المنطقة، عقب هذه التسوية المرتجاة، ودائماً برأي المرجع. ويختم جازماً بالقول: "إن محور المقاومة الذي صمد نحوعقدٍ من الزمن في أعتى الحروب التي شهدتها المنطقة في تاريخها، لن تثنيه الضغوط الأميركية الأخيرة عن الثبات والصمود".
وفي هذا الصدد، تبدي مصادر سياسية منضوية في تحالف التيار الوطني الحر- وحزب الله تأييدها لرأي المرجع المذكور آنفاً، وتعتبر من جهتها أن السفيرة الأميركية في بيروت دورثي شيا، تتعاطى في الشؤون اللبنانية، وكأنها "المفوض السامي على لبنان"، فقد أطاحت بممارساتها الخارجة على الأصول والأعراف الدبلوماسية بكل مؤسسات الدولة، متسلحةً بإشهار "سيف العقوبات" على كل من يخالفها الرأي، على حد تعبير المصادر. وتؤكد أن جلّ ما تسعى إليه شيا ومن يدور في فلكلها، هو عرقلة حكم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفريقه، مادام متمسكاً بتحالفه مع حزب الله، وتختم المصادر بالسؤال: "هل سيأتي يوماً تحدد لنا السفيرة الأميركية قائمة الطعام وتوقيت تناوله؟".
في المقابل، ترى مصادر قريبة من تيار المستقبل وتحالفه، أن من المبالغ فيه، تحميل ما آلت إليه الأوضاع في لبنان، تحديداً على صعيدي عرقلة تأليف الحكومة، والأزمة الاقتصادية للخارج، معتبرةً أن على الفريق الآخر، الالتزام بالمبادرة الفرنسية، والتعاون الإيجابي مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، ونزع العراقيل من أمامه، خصوصاً الشروط التعجيزية التي وضعها الفريق عينه، للوصول إلى الخواتيم السعيدة المرجوة، بالتالي ولادة حكومة من الاختصاصيين، لتبدأ العمل في ورشة الإصلاحات المطلوبة، لوقف الانهيار، وبالبدء في النهوض، تختم هذه المصادر.